الموت، وهم يشاهدون ذلك، ويقرون بأنه لا محيص منه، ثم بعد هذا يشكون ويكذبون بالبعث، ومن قدر على ابتداء الخلق، فلا ينبغي أن يشك في أنه يصح منه إ عادتهم، وبعثهم الاعراب: " هو " الأشبه أن يكون ضمير القصة والحديث، وتقديره الأمر. (الله يعلم في السماوات وفي الأرض سركم وجهركم) فالله: مبتدأ. ويعلم:
خبره. و (في السماوات وفي الأرض): في موضع النصب بيعلم و (سركم):
مفعوله أيضا. ولا يكون الظرف الذي هو الجار والمجرور منصوب الموضع بالمصدر، وإن جعلنا الظرف متعلقا باسم الله جاز في قياس قول من قال إن أصل الله الإلاه. فيكون المعنى: هو المعبود في السماوات وفي الأرض يعلم، وتقديره الأمر المعبود في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم. ومن جعل اسم الله بمنزلة أسماء الأعلام، فلا يجوز أن يتعلق الظرف به، إلا أن يقدر فيه ضربا من معنى الفعل ويجوز أن يكون (هو) مبتدأ. (والله): خبره، والعامل في قوله (في السماوات وفي الأرض) اسم الله، على ما قلناه. ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم فقال: (وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم) فيه وجوه على ما ذكرناه في الإعراب. فعلى التقدير الأول يكون معناه: الله يعلم في السماوات وفي الأرض سركم وجهركم، ويكون الخطاب لجميع الخلق، لأن الخلق إما أن يكونوا ملائكة فهم في السماء، أو بشرا، أو جنا، فهم في الأرض. فهو سبحانه عالم بجميع أسرارهم، وأحوالهم، ومتصرفاتهم، لا يخفى عليه منها شئ.
ويقويه قوله: (ويعلم ما تكسبون) أي: يعلم جميع ما تعملونه من الخير والشر، فيجازيكم على حسب أعمالكم وعلى التقدير الثاني: يكون معناه إن المعبود في السماوات وفي الأرض، أو المنفرد بالتدبير في السماوات وفي الأرض، يعلم سركم وجهركم، فلا تخفى عليه منكم خافية، ويكون الخطاب لبني آدم، وإن جعلت اسم الله علما على هذا التقدير، ثم علقت به قوله (في السماوات وفي الأرض) لم يجز. وإن علقته بمحذوف، يكون خبر (الله)، أو حالا عنه، أوهم بأن يكون الباري سبحانه في محل تعالى عن ذلك علوا كبيرا.