الحجة: من قرأ بالياء: رده إلى الله في قوله: (على الله كذبا). ومن قرأ بالنون ابتداء، والياء في المعنى كالنون.
الاعراب: (يوم نحشرهم): العامل فيه محذوف على معنى: واذكر يوم نحشرهم. وقيل: إنه معطوف على محذوف، كأنه قيل: لا يفلح الظالمون أبدا ويوم نحشرهم. والعائد إلى الموصول محذوف من (الذين كنتم تزعمون) وتقديره:
تزعمون أنهم شركاء، أو تزعمونهم شركاء، فحذف مفعولي الزعم، لدلالة الكلام، وحالة السؤال عليه.
المعنى: ثم بين سبحانه ما يلزمهم من التوبيخ، والتهجين، بالإشراك، فقال: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) معناه: ومن أكفر ممن اختلق على الله كذبا فأشرك به الآلهة، عن ابن عباس. وهذا استفهام معناه الجحد أي: لا أحد أظلم منه، لأن جوابه كذلك، فاكتفى من الجواب بما يدل عليه (أو كذب بآياته) أي: بالقرآن، وبمحمد ومعجزاته (إنه لا يفلح الظالمون) أي: لا يفوز برحمة الله، وثوابه، ورضوانه، ولا بالنجاة من النار، الظالمون. والظالم، ههنا هو الكافر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، المكذب بآياته، الجاحد لها بقوله: ما نصب الله آية على نبوته (ويوم نحشرهم جميعا) عنى بهم من تقدم ذكرهم من الكفار، لأنه سبحانه يحشرهم يوم القيامة من قبورهم إلى موضع الحساب.
(ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) اختلف في وجه هذا السؤال، فقيل: إن المشركين إذا رأوا تجاوز الله تعالى عن أهل التوحيد، قال بعضهم لبعض: إذا سئلتم فقولوا إنا موحدون. فلما جمعهم الله قال لهم: أين شركاؤكم؟. ليعلموا أن الله يعرف أنهم أشركوا به في دار الدنيا، وأنه لا ينفعهم الكتمان، عن مقاتل. وقيل: إن المشركين كانوا يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، فقيل لهم يوم القيامة (أين شركاؤكم الذين تزعمون) أنها تشفع لكم، توبيخا لهم، وتبكيتا على ما كانوا يدعونه، عن أكثر المفسرين. وإنما أضاف الشركاء إليهم، لأنهم اتخذوها لأنفسهم، ومعنى (تزعمون): تكذبون. قال ابن عباس:
(وكل زعم في كتاب الله كذب). وفي هذه الآية دلالة واضحة على بطلان مذهب الجبر، وعلى إثبات المعاد، وحشر جميع الخلق.