القراءة: روي في الشواذ قراءة عكرمة والأعمش (ولا يطعم) بفتح الياء، ومعناه: ولا يأكل.
اللغة: الفطرة: ابتداء الخلقة. قال ابن عباس: ما كنت أدري معنى (الفاطر) حتى احتكم إلي أعرابيان في بئر، فقال أحدهما، أنا فطرتها أي: ابتدأت حفرها.
وأصل الفطر: الشق، ومنه: (إذا انفطرت السماء) أي: انشقت. قال الزجاج:
فإن قال قائل: كيف يكون الفطر في معنى الخلق، والانفطار في معنى الانشقاق؟
قيل: إنهما يرجعان إلى شئ واحد، لأن معنى فطرهما. خلقهما خلقا قاطعا.
الاعراب: (غير) نصب لأنه مفعول. (أتخذ وليا) مفعول ثان. وقوله: (إن عصيت ربي) فيه وجهان: أحدهما: إنه اعتراض بين الكلام، كما يكون الاعتراض بالأقسام. فعلى هذا لا موضع له من الإعراب. والآخر: إنه في موضع نصب على الحال، فكأنه قيل: إني أخاف عاصيا ربي عذاب يوم عظيم، ويكون جواب الشرط محذوفا على الوجهين جميعا.
النزول: قيل: إن أهل مكة، قالوا لرسول الله: (يا محمد! تركت ملة قومك، وقد علمنا أنه لا يحملك على ذلك الا الفقر، فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا). فنزلت الآية.
المعنى: (قل) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سبق ذكرهم (أغير الله أتخذ وليا) أي: مالكا، ومولى. وولي الشئ: مالكه الذي هو أولى من غيره.
والمعنى: لا أتخذ غير الله وليا. إلا أن اخراجه على لفظ الاستفهام أبلغ من سائر ألفاظ النفي (فاطر السماوات والأرض) أي: خالقهما ومنشئهما من غير احتذاء على مثال (وهو يطعم ولا يطعم) أي: يرزق ولا يرزق. والمراد: يرزق الخلق، ولا يرزقه أحد. وقيل: إنما ذكر الإطعام، لأن حاجة العباد إليه أشد، ولأن نفيه عن الله أدل على نفي شبهه بالمخلوقين، لأن الحاجة إلى الطعام لا تجوز الا على الأجسام، واحتج سبحانه بهذا على الكفار، لأن من خلق السماوات والأرض، وأنشأ ما فيهما، وأحكم تدبيرهما، وأطعم من فيهما، وهم فقراء إليه، معلوم أنه الذي ليس كمثله شئ، وهو القادر، القاهر، الغني، الحي، فلا يجوز لمن عرف ذلك أن يعبد غيره.