وقال:
تذكرونا إذ نقاتلكم * لا يضر معدما عدمه الإعراب: موضع (أن يشاء): نصب أي: لا أخاف إلا مشيئة الله، وهذا استثناء منقطع. وقيل: متصل، وتقديره: لا أخافهم إلا أن يشاء ربي إحياءهم واقدارهم. و (علما): منصوب على التمييز.
المعنى: ثم ذكر سبحانه محاجة إبراهيم مع قومه، فقال (وحاجه قومه) أي:
خاصموه وجادلوه في الدين، وخوفوه من ترك عبادة آلهتهم (قال) أي. إبراهيم لهم (أتحاجوني في الله وقد هدان) أي: وفقني لمعرفته، ولطف بي في العلم بتوحيده، وترك الشرك، وإخلاص العبادة له (ولا أخاف ما تشركون به) أي: لا أخاف منه ضررا إن كفرت به، ولا أرجو نفعا إن عبدته، لأنه بين صنم قد كسر، فلم يدفع عن نفسه، ونجم دل أفوله على حدوثه، فكيف تحاجونني وتدعونني إلى عبادة من لا يخاف ضره، ولا يرجى نفعه.
(إلا أن يشاء ربي شيئا) فيه قولان أحدهما: إن معناه إلا أن يغلب الله هذه الأصنام التي تخوفونني بها، فيحييها ويقدرها، فتضر وتنفع، فيكون ضررها ونفعها إذ ذاك، دليلا على حدوثها أيضا، وعلى توحيد الله، وعلى أنه المستحق للعبادة دون غيره، وأنه لا شريك له في ملكه، ثم أثنى على الله سبحانه فقال: (وسع ربي كل شئ علما) أي: هو عالم بكل شئ، ثم أمرهم بالتذكر والتدبر فقال: (أفلا تتذكرون). والثاني: قول الحسن: معناه لا أخاف الأوثان إلا أن يشاء ربى أن يعذبني ببعض ذنوبي، أو يشاء الإضرار بي ابتداء، والأول أجود.
ثم احتج عليه السلام عليهم، وأكد الحجاج بقوله (وكيف أخاف ما أشركتم) أي:
كيف تلزمونني أن أخاف ما أشركتم به من الأوثان المخلوقة، وقد تبين حالهم في أنهم لا يضرون ولا ينفعون (ولا تخافون أنكم أشركتم بالله) أي: ولا تخافون من هو القادر على الضر والنفع، بل تجرؤون عليه بأن أشركتم، أي: جعلتم له شركاء في ملكه، وتعبدونهم، من دونه، وقيل: معناه كيف أخاف شرككم، وأنا منه برئ، والله تعالى لا يعاقبني بفعلكم، وأنتم لا تخافون، وقد أشركتم به، فيكون على هذا ما في قوله (ما أشركتم) مصدرية.