البلاد، وفي القبلة، وأوقات الليل، وإلى الطرق في مسالك البراري والبحار، وقال البلخي: ليس في قوله (لتهتدوا بها) ما يدل على أنه لم يخلقها لغير ذلك، بل خلقها سبحانه لأمور جليلة عظيمة، ومن فكر في صغر الصغير منها، وكبر الكبير، واختلاف مواقعها، ومجاريها، واتصالاتها، وسيرها، وظهور منافع الشمس والقمر في نشوء الحيوان والنبات، علم أن الأمر كذلك، ولو لم يخلقها إلا للاهتداء، لما كان لخلقها صغارا وكبارا، واختلافاتها في المسير معنى.
وفي تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم: إن النجوم أد محمد صلى الله عليه وآله وسلم. (قد فصلنا الآيات) أي بينا الحجج والبينات (لقوم يعلمون) أي: يتفكرون فيعلمون (وهو الذي أنشأكم) أي: أبدعكم وخلقكم (من نفس واحدة) أي: من آدم عليه السلام، لأن الله تعالى خلقنا جميعا منه، وخلق أمنا حواء، من ضلع من أضلاعه، ومن علينا بهذا، لأن الناس إذا رجعوا إلى أصل واحد، كانوا أقرب إلى التواد، والتعاطف، والتآلف.
(فمستقر ومستودع) قد مر ذكرهما في الحجة، واختلف في معناهما، فقيل:
مستقر في الرحم إلى أن يولد، ومستودع في القبر إلى أن يبعث، عن عبد الله بن مسعود. وقيل: مستقر في بطون الأمهات، ومستودع في أصلاب الآباء، عن سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس. وقيل: مستقر على ظهر الأرض في الدنيا، ومستودع عند الله في الآخرة؟ عن مجاهد وقيل: مستقرها أيام حياتها، ومستودعها حيث يموت، وحيث يبعث، عن أبي العالية، وقيل: مستقر في القبر، ومستودع في الدنيا، عن الحسن، وكان يقول: يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك، ويوشك أن تلحق بصاحبك، وأنشد قول لبيد:
وما المال والأهلون إلا وديعة ولابد يوما أن ترد الودائع وقال سليمان بن زيد العدوي، في هذا المعنى:
فجع الأحبة بالأحبة قبلنا فالناس مفجوع به ومفجع مستودع، أو مستقر مدخلا فالمستقر يزوره المستودع (قد فصلنا الآيات) أي: بينا الحجج وميزنا الأدلة (لقوم يفقهون) مواقع الحجة، ومواضع العبرة. وإنما خص الذين يعلمون ويفقهون، لأنهم المنتفعون