الحجة: من قرأ بالياء، فلأن ما قبله (وما قدروا الله) على الغيبة. ومن قرأ بالتاء فعلى الخطاب من قوله (قل) من أنزل الكتاب وقوله (فيما بعد): (وعلمتم ما لم تعلموا).
الاعراب: (حق قدره): منصوب على المصدر. (تبدونها وتخفون كثيرا):
يجوز أن يكون صفة ل (قراطيس) لأن النكرات توصف بالجمل، ويجوز أن يكون حالا من ضمير (الكتاب) في (تجعلونه) على أن تجعل القراطيس الكتاب في المعنى، لأنه مكتوب فيها، وإنما رفع قوله (يلعبون) لأنه لم يجعل جوابا لقوله (ذرهم) ولو جعله جوابا لجزمه، كما قال سبحانه (ذرهم يأكلوا) وموضع (يلعبون) نصب على الحال، والتقدير ذرهم لاعبين في خوضهم.
النزول: جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الضيف، يخاصم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، أما تجد في التوراة أن الله سبحانه يبغض الحبر السمين - وكان سمينا - فغضب وقال (1): ما أنزل الله على بشر من شئ! فقال له أصحابه: ويحك ولا موسى؟ فنزلت الآية، عن سعيد بن جبير. وقيل: إن الرجل كان فنحاص بن عازورا، وهو قائل هذه المقالة، عن السدي. وقيل: إن اليهود قالت يا محمد أنزل الله عليك كتابا؟ قال: نعم. قالوا:
والله ما أنزل الله من السماء كتابا! فنزلت الآية، عن ابن عباس. وفي رواية أخرى عنه أنها نزلت في الكفار، أنكروا قدرة الله عليهم، فمن أقر أن الله على كل شئ قدير، فقد قدر الله حق قدره. وقيل: نزلت في مشركي قريش، عن مجاهد.
المعنى: لما تقدم ذكر الأنبياء والنبوة، عقبه سبحانه بالتهجين لمن أنكر النبوة، فقال: (وما قدروا الله حق قدره) أي: ما عرفوا الله حق معرفته، وما عظموه حق عظمته، وما وصفوه بما هو أهل أن يوصف به (إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ) أي: ما أرسل الله رسولا، ولم ينزل على بشر شيئا، مع أن المصلحة والحكمة تقتضيان ذلك، والمعجزات الباهرة تدل على بعثة كثير منهم، ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال (قل) يا محمد لهم (من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) يعني التوراة، وإنما احتج بذلك عليهم، لأن القائل لذلك من اليهود، ومن قال: إن