المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وقال قوم: نزلت في ابن أبي سرح خاصة. وقال قوم: نزلت في مسيلمة خاصة.
المعنى: لما تقدم ذكر نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنزال الكتاب عليه، عقبه سبحانه بذكر تهجين الكفار الذين كذبوه، أو ادعوا أنهم يأتون بمثل ما أتى به، فقال: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) هذا استفهام في معنى الانكار أي: لا أحد أظلم ممن كذب على الله، فادعى أنه نبي، وليس بنبي (أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ) أي: يدعي الوحي، ولا يأتيه، ولا يجوز في حكمة الله سبحانه أن يبعث كذابا، وهذا وإن كان داخلا في الافتراء، فإنما أفرد بالذكر تعظيما.
(ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) قال الزجاج: هذا جواب لقولهم: (لو نشاء لقلنا مثل هذا) فادعوا، ثم لم يفعلوا، وبذلوا النفوس والأموال، واستعملوا سائر الحيل في إطفاء نور الله، وأبى الله ألا إن يتم نوره.
وقيل: المراد به عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أملى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) إلى قوله (ثم أنشأناه خلقا آخر) فجرى على لسان ابن أبي سرح (فتبارك الله أحسن الخالقين) فأملاه عليه، وقال: هكذا أنزل، فارتد عدو الله وقال: لئن كان محمد صادقا، فلقد أوحي إلي كما أوحي إليه، ولئن كان كاذبا، فلقد قلت كما قال، وارتد عن الاسلام، وهدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دمه. فلما كان يوم الفتح جاء به عثمان وقد أخذ بيده ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد، فقال: يا رسول الله! أعف عنه. فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم أعاد، فسكت. ثم أعاد فسكت. فقال: هو لك، فلما مر قال رسول الله لأصحابه: ألم أقل من رآه فليقتله؟! فقال عباد بن بشر: كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إلي فأقتله. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الأنبياء لا يقتلون بالإشارة.
ثم أخبر سبحانه عن حال هؤلاء فقال (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) أي: في شدائد الموت عند النزع. وقيل: في أشد العذاب في النار (والملائكة) الذين يقبضون الأرواح. وقيل: يريد ملائكة العذاب (باسطو أيديهم) لقبض أرواحهم. وقيل: يبسطون إليهم أيديهم بالعذاب، يضربون وجوههم، وأدبارهم.