والشجر، عن الحسن، وقتادة، والسدي. وقيل: معناه خالق الحب والنوى، ومنشئهما، ومبدئهما، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: المراد به ما في الحبة والنوى من الشق، وهو من عجيب قدرة الله تعالى في استوائه، عن مجاهد، وأبي مالك.
(يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي) أي: يخرج النبات الغض والطري الخضر من الحب اليابس، ويخرج الحب اليابس من النبات الحي النامي، عن الزجاج. والعرب تسمي الشجر ما دام غضا قائما بأنه حي، فإذا يبس، أو قطع، أو قلع، سموه ميتا. وقيل: معناه يخلق الحي من النطفة، وهي موات، ويخلق النطفة وهي موات، من الحي، عن الحسن، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم، وهذا أصح. وقيل: معناه يخرج الطير من البيض، والبيض من الطير، عن الجبائي.
وقيل: معناه يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
(ذلكم الله) أي: فاعل ذلك كله الله (فأنى تؤفكون) أي: تصرفون عن الحق، ويذهب بكم عن هذه الأدلة الظاهرة إلى الباطل، أفلا تتدبرون، فتعلمون أنه لا ينبغي أن يجعل لمن أنعم عليكم بفلق الحب والنوى، وإخراج الزرع من الحب، والشجر من النوى، شريك في عبادته (فالق الإصباح) أي: شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل وسواده، عن أكثر المفسرين. وقيل: معناه خالق الصباح، عن ابن عباس (وجاعل الليل سكنا) تسكنون فيه، وتتودعون فيه، عن ابن عباس، ومجاهد، وأكثر المفسرين، نبه الله سبحانه على عظيم نعمته بأن جعل الليل للسكون، والنهار للتصرف، ودل بتعاقبهما على كمال قدرته، وحكمته.
ثم قال (والشمس والقمر حسبانا) أي: جعلهما تجريان في أفلاكهما بحساب لا يتجاوزانه، حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما، فتقطع الشمس جميع البروج الاثني عشر في ثلاثمائة وخمس وستين يوما وربع والقمر في ثمانية وعشرين يوما، وبني عليهما الليالي، والأيام، والشهور والأعوام، كما قال سبحانه: (والشمس والقمر بحسبان)، وقال (كل في فلك يسبحون)، عن ابن عباس، والسدي، وقتادة، ومجاهد، أشار سبحانه بذلك إلى ما في حسبانهما من مصالح العباد في معاملاتهم، وتواريخهم، وأوقات عباداتهم، وغير ذلك من أمورهم الدينية والدنيوية (ذلك) إشارة إلى ما وصفه سبحانه من فلق الإصباح، وجعل الليل سكنا، والشمس والقمر