لهما وأوجب المصنف في غير هذا الكتاب تخليل اللحية الخفيفة محتجا بأن الوجه ما تقع به المواجهة وإنما ينتقل الاسم إلى اللحية مع الستر لا مع عدمه فإن الوجه مرأى وهو المواجه دون اللحية ولا ينتقل الاسم إليها وحمل الأخبار الدالة على عدم الوجوب على الساتر دون غيره وأنت خبير بأن هذه الحجة مع مخالفة مدلولها للأصحاب إنما تستلزم غسل ما لا شعر به من الوجه لعدم انتقال الاسم عنه لا وجوب غسل ما تحت الشعر الساتر الذي هو المتنازع فدليله لا يطابق مدعاه واعلم أن الخلاف إنما هو في وجوب تخليل البشرة التي تحت الشعر الخفيف المستورة به أما ما كان منها مرئيا بين الشعر فيجب غسله قطعا لعدم انتقال اسم الوجه عنه ويجب غسل اليدين مبتدئا فيهما وجوبا من المرفقين بكسر الميم وفتح الفاء وبالعكس (؟) بذلك لأنه يرتفق بهما في الاتكاء ونحوه إلى أطراف الأصابع لما تقدم في الوجه ويدخل المرفقين في الغسل إجماعا منا ومن أكثر مخالفينا أما لان إلى في الآية بمعنى مع وهو كثير كقوله تعالى من أنصاري إلى الله أو لان الغاية تدخل في المغيا حيث لا مفصل محسوس أو لدخول الحد المجانس في الابتداء والانتهاء مثل بعت الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف والوضوء البياني أوضح دلالة في ذلك فإنه أدار الماء على مرفقيه مبتدئا بهما ثم قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به وبالجملة فوجوب غسل المرفق لا خلاف فيه إنما الخلاف في سبب الوجوب هل هو النص كما تقدم أو الاستنباط من باب مقدمة الواجب بجعل إلى للغاية وهي لا تقتضي دخول ما بعدها فيما قبلها ولا خروجه لورودها معهما أما الدخول فكقولك حفظت القرآن من أوله إلى آخره ومنه سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأما الخروج فكاتموا الصيام إلى الليل وفنظرة إلى ميسرة وحينئذ لا دلالة على دخول المرفق من الآية نصا والبياني أعم منه ومن الاستنباط وتظهر الفائدة في وجوب غسل جزء من العضد فوق المرفق فيما لو قطعت اليد من المرفق وسيأتي الكلام فيه ولو نكس الغسل بأن ابتدأ فيه بالأصابع بطل الغسل فإن لم يعده على الوجه المعتبر بطل الوضوء خلافا للسيد المرتضى و ابن إدريس والكلام فيه كالكلام في البداة بأعلى الوجه حجة وجوابا ولو كان له يد زائدة يجب غسلها إن كانت تحت المرفق مطهر أو فوقه ولم تتميز عن الأصلية وهذا كله لا خلاف فيه أما لو كانت فوقه وتميزت فالامر فيه كذلك عند المصنف ولذا أطلق القول هنا وصرح به في المخ محتجا بصدق اسم اليد وبصحة تقسيمها إلى الزائدة والأصلية ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام التي قسم إليها وبالمعارضة بما تحت المرفق وفيه نظر لوجوب حمل الأيدي على المعهود المتعارف والاحتجاج باشتراك مورد التقسيم بين جميع أفراد الأقسام مع اشتهاره بين القوم قد أورد عليه أنه غير لازم فإنا نقسم الحيوان إلى الأبيض وغير الأبيض مثلا مع أن في كل منهما غير الحيوان واعتذر عنه بأن التقسيم عبارة عن ضم القيود المتخالفة إلى مورد القسمة ليحصل بانضمام كل قيد إليه قسم منه فالقسم عبارة عن مجموع مورد القسمة مع القيد ولا يتحقق بدون مورد القسمة فلا بد أن يكون المورد مشتركا بين جميع أفراد أقسامه والقسم في المثال المذكور هو الحيوان الأبيض والحيوان الغير الأبيض وفيه بحث سلمنا لكن صحة التقسيم إنما هو باعتبار الصورة لا باعتبار المتعارف الحقيقي وإلا لكان لمانع أن يمنع صحته والمعارضة ليست لازمة لان ما تحت المرفق لم يوجب غسله لكونه يدا بل لأنه في محل الفرض فكان من جملته كغير اليد من الاجزاء التي لا يصدق اسمها عليها حقيقة ولا مجازا ولو كانت في نفس المرفق فكك عند المصنف أيضا بطريق أولى وكذا عند من أوجب غسل المرفق نصا أما من أوجبه تبعا من باب مقدمة الواجب فيمكن القول بوجوب غسلها عنده لأنها في محل الفرض ظاهرا وعدمه لعدم كونه كذلك في نفس الامر وغسل المرفق لاشتباه حد اليد وهو منتف في الخارج عنها وعن مسماها وهو ضعيف وكذا يجب غسل
(٣٢)