الحصر ما ينافي الاخلاص وباقي قيود النية ليست كك والأولى الاستدلال في نصرة هذا القول بأصالة عدم الوجوب حتى يدل دليل معتبر على مجامعة شئ آخر وسيأتي ما يدل على متمسك من زاد على ذلك وقد قال السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاوس لم أعرف نقلا متواترا ولا أحادا يقتضى القصد إلى رفع الحدث أو استباحة الصلاة لكن علمنا أنه لا بد من نية القربة وإلا كان هذا من باب اسكتوا عما سكت الله عنه وجزم المصنف في هذا الكتاب وقبله المحقق في الشرايع بوجوب نية الوجوب أما لوجوب إيقاع الفعل على وجهه ولا يتم إلا بذلك كما استدل لهم به الشهيد ره في الشرح أو لوجوب التعرض في النية لتشخيص الواقع على جهات متعددة بنية أحدها ولما كان الوضوء تارة يقع على وجه الندب وأخرى على وجه الوجوب اشترط تشخيصه بأحدهما حيث يكون ذلك هو المطلوب ولا يخفى ضعف الأول وعدم صلاحيته للدلالة و تأسيس حكم شرعي حتى قيل أنه كلام شعري وأما الثاني فلا يتم في الوضوء وإن تم في غيره من العبادات لعدم اجتماع الوضوء الواجب والندب في وقت واحد حتى يحتاج المكلف في نيته إلى تمييز أحدهما عن الاخر لأنه إن كان المكلف مخاطبا بمشروط بالوضوء فليس له إلا نية الوجوب وإلا فليس له إلا نية الندب ولا ينتقض بالمجدد بتقدير جوازه قبل الصلاة حيث أنه غير واجب مع أن المجدد مخاطب بمشروط بالطهارة لأنه في وقت إيقاع أحدهما لا يمكن وقوع الاخر إذ قبل الوضوء الأول الواجب لا يتصور الندب المجدد وعند وضوء التجديد لا يتصور فيه الوجوب فلم يقع أحدهما على وجهين وربما ذكر في بعض عبارات شيخنا الشهيد ره إن الوجوب لاخراج عبادة الرياء وهو موضع تأمل وربما أخرجها أيضا بنية القربة فلا وجه للجمع حينئذ ويمكن أن يقال إن الوجوب المذكور هنا وهو لوجوبه علة غائية للفعل لا لاخراج شئ تحقيقا لقول المتكلمين أنه ينبغي إيقاع الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه وكذا القربة غاية أخرى وهو الحصول على رضاه والوصول إلى ثوابه كما تقدم وهو موافق للدليل الأول من دليلي الموجبين لكن لا دليل على وجوب ذلك إلا ما نقل عن المتكلمين وهو غير صالح للدلالة على توقف الفعل عليه وإن أمكن جعل الكمال منسوبا إليه وبالجملة فمشخصات النية غير القربة لم يرد بها نص على الخصوص فلا بد لمثبت شئ منها من دليل صالح وفي وجوب نية رفع الحدث أو نية الاستباحة للصلاة أو لمشروط بالطهارة قولان أحدهما العدم وإليه ذهب الشيخان حيث اكتفيا بالقربة والمحقق في الشرايع ووجهه قد علم مما سلف والثاني الوجوب كما ذهب إليه المصنف في المختلف وغيره والمحقق في المعتبر إلا أنه أسقط نية الوجوب واكتفى بالقربة واحد الامرين لقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا أي لأجل الصلاة إذ هو المفهوم لغة من قولهم إذا لقيت الأسد فخذ سلاحك وإذا لقيت الأمير فخذ أهبتك أي لأجل لقاء الأسد و الأمير ولا معنى لفعله لأجل الصلاة إلا إرادة استباحتها وفيه نظر لمنع إرادة ذلك لغة بل الظاهر إن المعنى لا تلق الأسد لا بسلاحك والأمير إلا بأهبة (بأهبتك صح) وكذا الآية تقدير الجملة فيها لا تقوموا إلى الصلاة إلا متطهرين وإنما كان هذا هو الظاهر لأنه لو كان متطهرا في المثال أو آخذ سلاحه وأهبته كفى ذلك في امتثال الامر ولو كان المطلوب إيقاعه لأجله لم يكف ولا يقال إذا حصل سبب الفعل مع استصحابه يصير حينئذ كأنه واقع لأجله لأنا نمنع ذلك بل ربما كانت الغاية الأولى منافية للغاية الأخرى كما لو كان قد قصد بأخذ السلاح تأهبه للعدو فإنه يكفي ذلك عن أخذه للأسد مع عدم صدق الاخذ لأجله وكذا لو نوى بالوضوء إباحة الطواف مثلا ولا يكفي اللزوم لان الآية إنما دلت على وقوعه لأجلها وظاهر أن اللزوم غير بين فلا يلزم من نية أحدهما نية الاخر وأيضا فإن اللازم من الآية تحتم استباحة الصلاة كما هو مذهب السيد المرتضى لا التخيير بينها وبين الرفع الذي هو المدعى فما تدل عليه لا يقولون به وما يقولون
(٢٨)