اقتضى ذلك عدم إيجاد نية تنافي النية الأولى فمتى لم ينو ما ينافي النية حصل له ما نواه ولا يفتقر إلى تجديد العزم المذكور لعدم الفائدة فيه والدلالة عليه لان دلالة الخبر على الشئ الأقوى وهو النية لا يدل على الاكتفاء بالأضعف وهو العزم على مقتضاها من غير إحضارها في الذهن وبنى شيخنا الشهيد ره التفسيرين على أن الباقي هل هو مستغن عن المؤثر أو محتاج إليه وهي مسألة كلامية فعلى الأول الأول ونقله عن الشيخ في المبسوط وعلى الثاني الثاني واختاره وهو محل نظر حكما وبناء فإن ذلك إنما يتجه أن لو كانت النية بعد إحضارها يحصل منها أثر خارجي يستغنى عن الوجد أو يحتاج إليه وليست كك بل عند غروبها عن القلب تلحق بالاعدام المفتقرة إلى المؤثر قطعا مع أن اللازم من الاحتياج إلى المؤثر وجوب إخصار النية بجميع مشخصاتها لا العزم فإنه غير الوجود الأول وغير مستلزم له وإن دخل ضمنا لكن الدلالة التضمنية ملغاة في هذه الأحكام ونظائرها وعلى كلا التفسيرين لو نوى ما ينافي النية الأولى بطل الوضوء فلو نوى المكلف بوضوئه بعد النية المعتبرة التبرد خاصة من غير ضم نية الوجوب والقربة أو ضم الرياء إلى الوجوب والقربة بطل وضوءه للمنافاة للنية الأولى والاخلاص ولأن الأولى قد عدمت حقيقة بالذهول عنها وحصل غيرها حقيقة فتكون أقوى وإنما قيدنا النية المذكورة ببعدية النية الأولى المعتبرة وإن كان اللفظ أعم من ذلك بل هو ظاهر في مصاحبة المنافي للنية الأولى لأنه فرعها على الاستدامة حكما وانما يتم التفريع على التفسيرين بفرض طرو النية المنافية على المعتبرة مع أن الحكم في الطارئ والمصاحب واحد وإن كان الأول وفق لسياق الكلام وظاهر المرتضى أنه لو نوى الرياء بصلاة لم تبطل بمعنى عدم اعادتها لا بمعنى حصول الثواب وهو يستلزم الحصة مع ضم الرياء إلى التقرب بطريق أولى وهو مبنى على قاعدته من عدم الملازمة بين قبول الأعمال وصحتها فبالصحة يحصل الامتثال وبالقبول يستحق الثواب وفي الأصل والفرع منع واعلم أن قطع الاستدامة الحكمية بنية مخالفة إنما تؤثر في بطلان الوضوء مع فعل شئ منه كذلك أما لو جدد النية الأولى قبل أن فعل شيئا يفيد القطع أو بعده واعاده قبل جفاف ما سبق على قطع الاستدامة صح الوضوء لان أفعال الوضوء بمنزلة عبادات متعددة لا بتوقف صحة بعضها على بعض ولهذا لو نكس وضوء أعاد على ما يحصل معه الترتيب ولا يبطل بخلاف الصلاة فإنها تبطل بمنافاة الاستدامة وإن أعاد النية قبل فعل شئ منها بغير نية معتبرة وهذا كله بخلاف ما لو ضم التبرد بعد النية المعتبرة إليها فإنه لا يضر عند المصنف لحصوله وإن لم ينوه فنيته لاغية كما لو كبر الامام وقصد مع التحرم إعلام القوم واختار المصنف في غير هذا الكتاب تبعا لجماعة البطلان هنا للمنافاة أيضا ولأنه لا يلزم من حصوله ضرورة جواز نية حصوله وهل الكلام إلا فيه وهذا أجود ويجوز كون قوله فلو نوى إلخ تفريعا على النية المذكورة سابقا المشتملة على التقرب وجعل الاستدامة الحكمية معترضة ووجه التفريع منافاة ذلك كله للقربة ويجوز أن يقارن بها أي بالنية غسل اليدين المستحب له على المشهور لأنه من جملة الوضوء الكامل وأولى منه عند المضمضة والاستنشاق لقربهما إلى الواجب وجوز ابن إدريس تقديمها عند غسل اليدين في الغسل دون الوضوء وهو تحكم وتوقف بعض المحققين في الجميع لعدم صدق الوضوء الحقيقي عليها ولا يجوز تقديمها عند غيرها من مسنونات الوضوء كالسواك والتسمية إجماعا والمراد بالغسل المستحب للوضوء ما كان لوضوء من حدث النوم أو البول أو الغائط لا من الريح ولا يجوز إيقاعها عند غسلهما من غير ذلك أما مع استحبابه لأنه كما إذا وقع الوضوء عقيب الأكل أو بعد مباشرة من يتمم بالنجاسة أو مع وجوبه كغسلهما من النجاسة إذ لا يعد من أفعال الوضوء مع احتماله لأنه أولى بالمراعاة من الندب خصوصا على ما ورد من التعليل في النائم بأنه لا يدرى
(٣٠)