دلالة على تعين الزمان دون المكان وأما تصيير الوقت المعين بالنذر وقتا للعبادة كالوقت المنصوص فهو آت في المكان المختص بالعبادة كالمقام مثلا في صلاة الطواف فكما ثبت ذلك بالنص ثبت غيره بالنذر فإن قيل مكان صلاة الطواف مشتمل على مزية فيتقيد تعين مكان المنذور بها وهو عين المتنازع قلنا أفعال الشارع كلها مشتركة في المزايا ومعللة بالأغراض الصحيحة فتعليقه العبادة على وقت معين لو لم يكن ذلك الوقت مشتملا على حكمة ومزية على غيره كان تخصيصه على غيره ترجيحا من غير مرجح وهو لا يليق بحكمة الشارع فليشترط في تعين وقت المنذور أيضا المزية ولا يقولون به وأما إن الوقت لا يتصور فيه الكراهة للمنذور بخلاف المكان فليس بتام أيضا لان الكلام في غير المكان المكروه فيه الفعل والمحرم كما مر والوجه تعينهما مطلقا لعموم وجوب الوفا بالنذر وإنما يتم إذا فعل على وجهه المعين به وقيود الزمان والمكان أوصاف ترجع إلى اختيار الناذر ويتعين بتعيينه كما تتعين مقادير أفعاله بالتعيين وإن كان غيرها أعلى منها وهو اختيار الشهيد في البيان وحينئذ يتعين الزمان والمكان مطلقا ولا يجوز العدول عن المعين إلى غيره وإن كان إلى أعلى مزية ولو قيل بتعين المكان المكروه أيضا كان وجها لعين ما ذكر من الدليل فإن المنذور عبادة راجحة في نفسها غايتها إنها أنقص ثوابا من غيرها وهو غير موجب لبطلان النذر أو عدم تعين المنذور إذ لا يشترط في تعين المنذور كونه أتم من جميع الافراد المناسبة له مع كونه في نفسه راجحا وعلى المشهور من اشتراط المزية في تعين المكان هل يجزى في ذي المزية الصلاة في الأعلى منه مزية كالمسجد الجامع بالنسبة إلى مسجد القبيلة وكالمسجدين بالنسبة إلى غيرهما فيه نظر من وجود المقتضى للزوم وهو النذر وحصول المزية فيتعين ويؤمر بالايقاع فيه وهو يقتضى النهى عن ضده فلا تصح في غيره لاقتضاء النهى الفساد ومن إن نسبة ذي المزية إلى الأزيد مزية كنسبة ما لا مزية فيه إلى ذي المزية فكما يجوز العدول مما خلا عن المزية إلى ما اشتمل عليه فكذا هنا ولأن التعيين لا مدخل له في اللزوم بل المزية فيصح المنذور حيث وجدت واختاره المصنف في التذكرة والنهاية وفيه نظر للفرق بين ما لا مزية فيه وماله مزية في الجملة عند القائلين بذلك ومن ثم انعقد النذر في الثاني دون الأول وعلى ما اخترناه يسقط هذا البحث ويتعين المنذور مطلقا ويشترط في صحة نذر الصلاة أن لا تكون عليه صلاة واجبة لان متعلق النذر هنا الصلاة المندوبة وهي لا تصح ممن عليه صلاة واجبة لقوله صلى الله عليه وآله لا صلاة لمن عليه صلاة وفى هذا الفرع مع تسليم منع النافلة لمن عليه فريضة نظر لان المنذورة تصير واجبة بالنذر فلا يكون إيقاعها لنفل بل لفرض فإن قيل الكلام إنما هو في صحة النذر وعدمه لا في المنع مع انعقاده ولا شك إن متعلقه النافلة فإذا أدى انعقاده إلى مزاحمتها الفريضة لم يقع قلنا النص الذي اقتضى المنع إنما دل مع تسليمه على منع إيقاع الصلاة لمن عليه صلاة لا على إيقاع النذر فلا يكون النذر ممنوعا منه وإن كان متعلقه النافلة وبعد انعقاده تصير فريضة فلا يمتنع فعلها ممن عليه صلاة قيل وهذا الفرع من خصوصيات المصنف ذكره هنا ثم رجع عنه وعلى ما ذكرناه سابقا من صحة النافلة التي لا تضر بالفريضة ينتفى البحث هنا عن المنع رأسا ولو نذر صلاة الليل وجب ثماني ركعات لا غير في وقتها المعين لاطلاقها عليها شرعا واختصاص الثلث ركعات بعدها باسم خاص ولا يجب الدعاء بينها ولا بعدها وهل تجب فيها سورة بعد الحمد بناء على وجوبها في الفريضة نظر من عدم وجوبها في النافلة وصيرورتها فريضة وإلا صح الوجوب إلا أن يقيدها بعدمها فتجب على حسب ما نذره أما السور المنصوص فيها فلا تجب مع الاطلاق قطعا لأنها من مكملاتها وكل ما يشترط في الصلاة اليومية يشترط في الصلاة المنذورة من الطهارة والستر والاستقبال وغيرها لصيرورتها بالنذر
(٣٢٣)