تركهما معا قطعا للنص، وتحريم الجزم بوجوب أحدهما بعينه عملا بأحاديث الاحتياط، ويستثنى من ذلك ما لو وجب وطئ الزوجة واشتبهت بأجنبية، أو قتل شخص حدا أو قصاصا واشتبه بآخر محترم، للقطع بتحريم وطئ الأجنبية مع الاشتباه وعدمه، وكذا قتل المسلم، بخلاف تحريم الجمع بين العبادتين فإنه مخصوص بغير صورة الاشتباه، فان النصوص على أمثالها كثيرة، كاشتباه القبلة والفائتة والثوبين وغير ذلك، وليس بقياس بل عمل بعموم أحاديث الاحتياط، على أن هذا الحديث لا ينافي وجوب الاحتياط والتوقف، لحصول العلم بهما النص المتواتر كما مضى ويأتي، وقوله: موضوع، قرينه ظاهرة على إرادة الشك في وجوب فعل وجودي لا في تحريمه، مضافا إلى النص في المقامين.
29 - ويأتي في حديث التزويج في العدة قال: إذا علمت أن عليها العدة ولم تعلم كم هي فقد ثبتت عليها الحجة، فتسأل حتى تعلم.
30 - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان ابن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من عمل بما علم كفى ما لم يعلم. وفي (ثواب الأعمال) بالاسناد مثله أقول: تقدم وجهه، ويمكن حمل الحديثين على أن ما لم يعلم حكمه لم يجب، بل لم يجز الحكم فيه والجزم بأحد الطرفين، بل يكفي التوقف والاحتياط، وإلا فقد تقدم ما هو صريح في معارضته وهو قولهم عليهم السلام: القضاة أربعة - إلى أن قال: وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار. وقاض قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار وغير ذلك، ويمكن حملهما على الغافل الذي لم يحصل عنده شك ولا شبهه، ولا بلغه نص الاحتياط، فإنه معذور غير مكلف ما دام كذلك بالنص المتواتر.