عرفة) ممانع من أن يكون غير عرفة الحج أيضا إذا جاء بذلك نص، وقد قال تعالى:
(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا). والبيت غير عرفة بلا شك، وسوى تعالى بين الامر بعرفة الامر بمزدلفة في القرآن، وقد قال تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر). وأخبر رسول الله صلى الله عليه سلم ان يوم الحج الأكبر - هو يوم النحر - ولا يكون يوم الحج الأكبر الا وغيره يوم الحج الأصغر، ومحال ممتنع أن يكون - هو يوم الحج الأكبر - ولا يكن فيه من فرائض الحج شئ، ويكون فرض الحج في غيره، فصح ان جملة فرائض الحج في يوم الحج الأكبر، وهي الوقوف بمزدلفة الذي لا يكون في غيره، ورمى الجمرة، والإفاضة، وقد يكونان فيما بعده كما عرفة فيما قبلة * روينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن ابن عباس قال: (من أفاض من عرفة فلا حج له) وقد ذكرنا عن ابن الزبير أنه كأن يقول في خطبته: ألا لا صلاة الا بجمع، فإذا أبطل الصلاة الا بمزدلفة فقد جعلها من فرائض الحج * ومن طريق شعبة عن داود بن يزيد الأزدي عن أبي الضحى قال: سألت علقمة عمن لم يدرك عرفات أو جمعا أو وقع باهله يوم النحر قبل أن يزور؟ فقال: عليه الحج * ومن طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي قال: كان يقال: من فاته جمع أو عرفة فقد فاته الحج * ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قال: من فاته عرفة أو جمع، أو جامع قبل ان يزور فقد فسد حجه * ومن طريق سفيان الثوري أيضا عن عبد الله أبن أبي السفر عن الشعبي أنه قال: من فاته جمع جعلها عمرة * وعن الحسن البصري من لم يقف بجمع فلا حج له * وعن حماد بن أبي سليمان قال: من فاته الإفاضة من جمع فقد فاته الحج فليحل بعمرة ثم ليحج من قابل * ومن طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال: يوم الحج الأكبر - هو يوم النحر - ألا ترى انه إذا فاته عرفة لم يفته الحج وإذا فاته يوم النحر فاته الحج * قال أبو محمد: صدق سعيد لان من فاتته عرفة يوم عرفة لم يفته الحج لأنه يقف بعرفة ليلة يوم النحر، وأما يوم النحر فإنما سماه الله تعالى يوم الحج الأكبر لان فيه فرائض ثلاثا من فرائض الحج، وهو الوقوف بمزدلفة لا يكون جازئا الاغداة يوم النحر، وجمرة العقبة، وطواف الإفاضة ويجوز تأخيره، فصح أن مزدلفة أشد فروض الحج تأكيدا وأضيقها وقتا، وقد روى عن ابن عمر خلاف هذا