قال أبو محمد: فإذ لا دليل على صحة قولهم فلنذكر الآن البراهين على صحة قولنا قال الله تعالى: (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم). فسوى تعالى بين كل ذلك ولم يفرق فلا يجوز ان يفرق بين حكم ما صار الينا من أهل الحرب من مال، أو أرض بنص القرآن وقال تعالى: (واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) الآية * وروينا من طريق البخاري نا عبد الله بن محمد - هو المسندي - نا معاوية بن عمرو نا أبو إسحاق هو الفزاري - عن مالك بن أنس حدثني ثور عن سالم مولى ابن مطيع أنه سمع أبا هريرة (رضي الله عنه) (1) يقول: افتتحنا خيبر فلم نغنم ذهبا، ولا فضة إنما غنمنا الإبل، والبقر، والمتاع، والحوائط)، فصح ان الحوائط وهي الضياع والبساتين مغنومة كسائر المتاع فهي مخمسة بنص القرآن، والمخمس مقسوم بلا خلاف، روينا من طريق أحمد ابن حنبل، وإسحاق بن راهويه كلاهما عن عبد الرزاق نا معمر عن همام بن منبه نا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصمت الله ورسوله فان خمسها لله ورسوله، ثم هي لكم) وهذا نص جلى لا محيص (2) عنه، وقد صح ان النبي صلى الله عليه وسلم قسم أرض بني قريظة وخيبر، ثم العجب كله ان مالكا قلد ههنا عمر، ثم فيما ذكرتم وقف فلم يخبر كيف يعمل في خراجها؟ وأقر أنه لا يدرى فعل عمر في ذلك؟ فهل في الأرض أعجب من جهالة تجعل حجة! * وأما أبو حنيفة فأخذ في ذلك برواية غير قوية جاءت عن عمر وترك سائر مات روى عنه وتحكموا في الخطأ (3) بلا برهان، وقد تقصينا ذلك في كتاب الايصال والله المستعان (ولله تعالى الحمد) فكيف والرواية عن عمر الصحيحة هي قولنا؟ كما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور نا محمد بن عيسى بن رفاعة نا علي بن عبد العزيز نا أبو عبيد نا هشيم نا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: كانت بجيلة ربع الناس يوم القادسية فجعل لهم عمر ربع السواد فأخذوا سنتين، أو ثلاثا فوفد عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب ومعه جرير بن عبد الله فقال: عمر يا جرير لولا أنى قاسم مسؤول لكنتم على ما جعل لكم وأرى الناس قد كثروا فأرى ان ترده عليهم ففعل جرير ذلك، فقالت أم كرز البجلية: يا أمير المؤمنين ان أبى هلك وسهمه ثابت في السواد وانى لم أسلم فقال لها عمر: يا أم كرز قومك قد صنعوا ما قد علمت فقالت: إن كانوا صنعوا ما صنعوا فانى لست أسلم حتى تحملني ناقة ذلول عليها قطيفة حمراء وتملأ كفى ذهبا ففعل عمر ذلك فكانت الذهب نحو ثمانين دينارا، فهذا أصح ما جاء عن عمر في ذلك وهو قولنا فإنه لم يوقف حتى استطاب نفوس الغانمين وورثة من مات منهم، وهذا الذي لا يجوز أن
(٣٤٤)