(انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (1): لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله قال: لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني) * ورويناه أيضا مسندا صحيحا من طريق أم المؤمنين عائشة، وأنس، وأبي هريرة، وابن عمر كلهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الآثار تنتظم كل (2) ما قلنا * قال أبو محمد: وقد روينا النهى عن الوصال عن أبي سعيد الخدري، وعائشة أم المؤمنين، وعلى، وأبي هريرة، وروينا عن بعض السلف إباحة الوصال كما روينا من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (3) ان أبا هريرة قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقال رجل من المسلمين: فإنك تواصل يا رسول الله فقال: وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربى ويسقيني فلما أبوا ان ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال عليه السلام: لو تأخر (4) الهلال لزدتكم كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا) * وعن أخت أبي سعيد الخدري أنها كانت تواصل وكان أخوها ينهاها * قال على: هي صاحبة بلا شك * ومن طريق حماد بن سلمة نا عمار بن أبي عمار قال: كان عبد الله بن الزبير يواصل سبعة أيام فإذا كان الليلة السابعة دعا باناء من سمن فشربه ثم يؤتى بثريدة (5) فيها عرقان (6) ويؤتى الناس بالجفان (7) فيقول: هذا من خالص مالي وهذا من بيت مالكم، وكان ابن وضاح يواصل أربعة أيام * قال أبو محمد: هذا يوضح ان لا حجة في أحد غير (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب ولا غيره فقد واصل قوم من الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتأولوا في ذلك التأويلات البعيدة فكيف بعده عليه السلام؟ فكيف من دونهم؟ ولا فرق بين من خالف حضه عليه السلام على صوم يوم عرفة ونهيه عليه السلام عن تخصيص صوم يوم الجمعة، وتأولوا في ذلك أنه عليه السلام لم يصم يوم عرفة، وقول ابن مسعود قل ما رأيته عليه السلام مفطرا يوم جمعة وبين من خالف نهيه عن الوصال وتأول أنه عليه السلام كان يواصل *
(٢٢)