ثانيهما: المياه المكنوزة في أعماق الأرض التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال عمليات الحفر وبذل الجهد، كمياه الآبار والعيون العامرة بشرية، والمياه بكلا نوعيها خاضعة لمبدأ الملكية العامة، سواء كانت في الأراضي الموات أم كانت في الأراضي المفتوحة عنوة، فعلى الأول فهي من الأنفال وملك للإمام (عليه السلام).
وعلى الثاني فهي ملك للمسلمين كالأراضي.
وعلى كلا التقديرين فكل من شملته أخبار التحليل، كما أنه مأذون في القيام بعملية إحياء هذه الأراضي جميعا والاستفادة من ثرواتها الطبيعية، كذلك أنه مأذون في الاستفادة من مياهها المكنوزة والمكشوفة، فإن لكل فرد منهم حق الانتفاع بها بقدر ما هو نتيجة عمله وجهده، ولا يجوز لأي أحد منهم أن يزاحم الآخر في ذلك ويمنعه منه، وعلى هذا فمياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات وما شاكلهما، أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج وكذا العيون المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات وغير ذلك من المشتركات في الانتفاع، وكذلك المياه المكنوزة في أعماق الأرض.
(مسألة 977): إن الفرد لا يملك المياه المكشوفة طبيعيا بالحيازة والاستيلاء عليها ما دامت المياه في مكانها الطبيعي؛ لأن الإسلام لم يعترف بالحيازة على أساس القوة والتحكيم على الآخرين في ميدان المنافسة، وإنما اعترف بها على أساس العمل وبذل الجهد في سبيل ذلك من دون مزاحمة الآخرين، وعلى هذا فكل ماء جرى بنفسه أو اجتمع في مكان بلا يد خارجية عليه، فهو من المباحات الأصلية، فمن حازه بإناء أو سحب منها بآلة أو حفر حفيرة وأوصلها بها أو استجد نهرا وأوصله بها أو نحو ذلك، مما يوجب جعلها في حوزته فهو أحق به،