وسمي يوم النفر الثاني يوم الحصبة لأنه يستحب لمن نفر في النفر الثاني التحصيب، ولا يستحب لمن نفر في النفر الأول التحصيب وهو نزول المحصب وهو ما بين العقبة وبين مكة وهي أرض ذات حصى صغار مستوية بطحاء إذا رحل من منى حصل فيها يستحب له النزول هناك اقتداء بالرسول ع لأنه نزل هناك ونفذ عائشة مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فأحرمت بالعمرة المفردة وجاءت إلى مكة طافت وسعت وقصرت وفرغت من مناسكها جميعا، ثم جاءت إلى الرسول ع فرحل قاصدا إلى المدينة.
فإن فاته ذلك أيضا صامهن في بقية ذي الحجة فإن أهل المحرم ولم يكن صام وجب عليه دم شاة واستقر في ذمته وليس له صوم، فإن مات من وجب عليه الهدي ولم يكن صام الثلاثة الأيام مع القدرة عليها والتمكن من الصيام صام عنه وليه الثلاثة الأيام، فأما السبعة الأيام فقد قال بعض أصحابنا: لا يلزم الولي قضاء السبعة، والأولى عندي والأحوط أنه يلزم الولي القضاء عنه إذا تمكن من وجبت عليه من صيامهن ولم يفعل لأن الاجماع منعقد على أن الولي يلزمه أن يقضي عن من هو ولي له ما فاته من صيام تمكن منه فلم يصمه وهذا الصيام من جملة ذلك وداخل تحته.
فإذا صام الثلاثة الأيام ورجع إلى أهله صام السبعة الأيام ولا يجوز له أن يصومهن في السفر ولا قبل رجوعه إلى أهله، فإن جاور بمكة انتظر مدة وصول أهل بلده إلى بلده إن كان وصولهم في أقل من شهر، فإن كان أكثر من شهر انتظر شهرا ولو كان من أبعد بعد ثم صام بعد ذلك السبعة الأيام.
ومن فاته صوم يوم قبل التروية صام يوم التروية ويوم عرفة ثم صام يوما آخر بعد أيام التشريق ولا يجوز له أن يصوم أيام التشريق فإن فاته صوم يوم التروية فلا يصم يوم عرفة بل يصوم الثلاثة الأيام بعد انقضاء أيام التشريق متتابعات، وقد رويت رخصة في تقديم صوم الثلاثة الأيام من أول العشر والأحوط الأول.
فإن قيل: كيف يصام بدل الهدي قبل وجوب الهدي لأن الهدي ما يجب ذبحه إلا يوم النحر ولا يجوز قبله؟