باب المواقيت:
معرفة المواقيت واجبة لأن الإحرام لا يجوز إلا منها، فلو أن إنسانا أحرم قبل ميقاته كان إحرامه باطلا اللهم إلا أن يكون قد نذر لله تعالى على نفسه أن يحرم من موضع بعينه فإنه يلزمه الوفاء به حسب ما نذره على ما روي في بعض الأخبار، فمن عمل بها ونذر الحج والعمرة المتمتع بها إلى الحج فإنها حج أيضا وداخلة فيه فلا ينعقد إلا إذا وقع في أشهر الحج، فإن كان الموضع الذي نذر منه الإحرام بينه وبين مكة أكثر من مدة أشهر الحج فلا ينعقد الإحرام بالحج أيضا وإن كان منذورا لأن الاجماع حاصل منعقد على أنه لا ينعقد إحرام حج ولا عمرة متمتع بها إلى الحج إلا في أشهر الحج، فإذا وردت أخبار بأنه إذا كان منذورا انعقد قبل المواقيت فإن العمل يصح بها ويخص بذلك الاجماع وأمكن العمل بها، فإن قيل: فإنه عام. قلنا: فالعموم قد يخص بالأدلة.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: والأظهر الذي تقتضيه الأدلة وأصول مذهبنا أن الإحرام لا ينعقد إلا من المواقيت سواء كان منذورا أو غيره ولا يصح النذر بذلك أيضا لأنه خلاف المشروع، ولو انعقد بالنذر كان ضرب المواقيت لغوا، والذي اخترناه يذهب إليه السيد المرتضى وابن أبي عقيل من أصحابنا و شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه فإنه قال:
مسألة من أفسد الحج وأراد أن يقضي أحرم من الميقات، ثم استدل فقال: دليلنا أنا قد بينا أن الإحرام قبل الميقات لا ينعقد وهو إجماع الفرقة وأخبارهم عامة في ذلك فلا يتقدر على مذهبنا هذه المسألة. هذا آخر كلامه فلو كان ينعقد الإحرام قبل الميقات إذا كان منذورا لما قال: فلا يتقدر على مذهبنا هذه المسألة، وهي تتقدر عند من قال: يصح الإحرام قبل الميقات وينعقد إذا كان منذورا، فليلحظ ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته: ومن عرض له مانع من الإحرام جاز له أن يؤخره أيضا عن الميقات فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى إليه.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: قوله رحمه الله: جاز له أن يؤخره، مقصوده كيفية الإحرام الظاهرة وهي التعري وكشف الرأس والارتداء والتوشح والاتزار، فأما النية والتلبية مع القدرة عليها فلا يجوز له ذلك لأنه لا مانع يمنع من ذلك ولا ضرورة فيه ولا تقية، وإن