رخصة قبل الزوال في الأيام كلها، وما ذكره في نهايته ومبسوطه هو الأظهر والأصح عند أصحابنا، وما ذكره في مسائل خلافه مذهب الشافعي وأبي حنيفة.
وهل رمى الجمار واجب أو مسنون؟ لا خلاف بين أصحابنا في كونه واجبا ولا أظن أحدا من المسلمين يخالف في ذلك، وقد يشتبه على بعض أصحابنا ويعتقد أنه مسنون غير واجب لما نجده من كلام بعض المصنفين وعبارة موهمة أوردها في كتبه ويقلد المسطور بغير فكر ولا نظر وهذا غاية الخطأ وضد الصواب، فإن شيخنا أبا جعفر الطوسي رحمه الله قال في الجمل والعقود: والرمي مسنون، فيظن من يقف على هذه العبارة أنه مندوب وإنما أراد الشيخ بقوله: مسنون، أن فرضه عرف من جهة السنة لأن القرآن لا يدل على ذلك، والدليل على صحة هذا الاعتبار والقول ما اعتذر شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتابه الاستبصار وتأول لفظ بعض الأخبار فقال: الراوي في الخبر في باب وجوب غسل الميت وغسل من مس ميتا، فأورد الأخبار بوجوب الغسل على من غسل ميتا ثم أورد خبرا عن ابن أبي نجران يتضمن: أن الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت سنة، فقال شيخنا أبو جعفر.: فما تضمن هذا الخبر من أن غسل الميت سنة لا يعارض ما قلناه من وجوه: أحدها أن هذا الخبر مرسل لأن ابن أبي نجران قال عن رجل ولم يذكر من هو ولا يمتنع أن يكون غير موثوق به ولو سلم لكان المراد في إضافة هذا الغسل إلى السنة أن فرضه قد عرف من جهة السنة لأن القرآن لا يدل على ذلك وإنما علمناه بالسنة، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في الاستبصار، وإذا احتمل قوله في الجمل والعقود ما ذكرناه كان موافقا لقوله في مبسوطه ونهايته لئلا يتناقض قولاه، فإنه قال في نهايته: وإذا رجع الانسان إلى منى لرمي الجمار كان عليه أن يرمي ثلاثة أيام، فأتي بلفظة تقتضي الوجوب بغير خلاف في عرف الشريعة، وقال في مبسوطه مصرحا: والواجب عليه أن يرمي ثلاثة أيام التشريق: الثاني من النحر والثالث والرابع، كل يوم بإحدى وعشرين حصاة ثلاث جمار كل جمرة منها بسبع حصيات، وإلى الوجوب يذهب في مسائل الخلاف ويلوح به ويدل عليه، ثم الأخبار التي أوردها في تهذيب الأحكام متناصرة بالوجوب عامة الألفاظ وكذلك الأخبار المتواترة دالة على الوجوب، ثم فعل الرسول والأئمة ع يدل على ما اخترناه وشرحناه لأن الحج في القرآن مجمل وفعله ع إذا كان بيانا لمجمل جرى مجرى