إلى الحج فما استيسر من الهدي إلى قوله: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، وهذا نص وليس لأحد أن يقول: إن قوله تعالى ذلك إشارة إلى الهدي لا إلى التمتع لأن ذلك تخصيص بغير دليل.
والحج على ضربين: مفروض ومسنون، فالمفروض: حج الاسلام وحج النذر أو العهد وحج الكفارة، وأما المسنون: فما عدا ما ذكرناه، ويفارق الواجب في أنه لا يجب الابتداء به ويساويه بعد الدخول فيه في وجوب المضي فيه في سائر أحكامه إلا وجوب القضاء له إذا فات بدليل الاجماع الماضي ذكره.
فصل:
وأما شروطه فعلى ضربين: شرائط الوجوب وشرائط صحة الأداء.
فشرائط وجوب حج الاسلام: الحرية والبلوغ وكمال العقل والاستطاعة بلا خلاف، والاستطاعة يكون بالصحة والتخلية وأمن الطريق ووجود الزاد والراحلة والكفاية له ولمن يعول والعود إلى كفاية من صناعة أو غيرها بدليل الاجماع المتردد، وأيضا فقد ثبت أن من شرط حسن الأمر بالعبادة القدرة عليها على ما دللنا عليه فيما تقدم من الأصول، فلما شرط سبحانه في الأمر بالحج الاستطاعة اقتضى ذلك زيادة على القدرة من التمكن من النفقة وغيرها، ومن لا يجد لعياله نفقة إلى حين عوده لا يكون كذلك لتعلق فرض نفقتهم به، وإذا ثبت ذلك ثبت اعتبار العود إلى كفاية لأن أحدا من الأمة لم يفرق بين الأمرين.
ويحتج على مالك بما روي من طرقهم أن رجلا سأله ص لما نزلت ولله على الناس حج البيت... الآية فقال: يا رسول الله ما السبيل؟ فقال: زاد وراحلة. وتعلقه بقوله تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر، لأن معنى قوله:
رجالا رجالة لا حجة له فيه لأنا نحمله على أهل مكة وحاضريها بدليل ما قدمناه ولأنه ليس في الآية أكثر من الأخبار عن حالة من يأتيه ونحن لا نمنع أن يأتي الحاج المتطوع ماشيا.