قوله والبيان في حكم المبين، ولا خلاف أنه ع رمى الجمار وقال: خذوا عني مناسككم، فقد أمرنا بالأخذ والأمر يقتضي الوجوب عندنا والفور دون التراخي، وأيضا دليل الاحتياط يقتضيه لأنه لا خلاف بين الأمة أن من رمى الجمار برئت ذمته من جميع أفعال الحج والخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار، وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في استبصاره في كتاب الحج في باب من نسي رمى الجمار: حتى يأتي مكة أورد أخبارا تتضمن الرجوع والأمر بالرمي ثم أورد خبرا عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله ع: رجل نسي رمى الجمار، قال: يرجع ويرميها، قلت: فإنه نسيها أو جهل حتى فاته وخرج، قال: ليس عليه أن يعيد.
فقال شيخنا: قال محمد بن الحسن " يعني نفسه " قوله ع: ليس عليه أن يعيد، معناه ليس عليه أن يعيد في هذه السنة وإن كان يجب عليه إعادته في السنة المقبلة إما بنفسه مع التمكن أو يأمر من ينوب عنه وإنما كان كذلك لأن أيام الرمي هي أيام التشريق فإذا فاتته لم يلزمه شئ إلا في العام المقبل في مثل هذه الأيام، هذا آخر كلام الشيخ أبي جعفر الطوسي في استبصاره.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: فلو كان الرمي مندوبا عند شيخنا لما قال:
يجب عليه إعادته في السنة المقبلة إما بنفسه مع التمكن أو يأمر من ينوب عنه، لأن المندوب لا يجب على تاركه إعادته.
فإذا أراد رمى الجمار في أيام التشريق فليبدأ بالجمرة التي تلى المشعر الحرام وليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهن خذفا وقد بينا لغته على ما قاله الجوهري في كتاب الصحاح وهو أن قال: الخذف بالحصى الرمي منه بالأصابع.
ويكبر مع كل حصاة استحبابا ويدعو بالدعاء الذي قدمناه، ثم يقوم عن يسار الطريق ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويصلى على النبي ص، ثم ليتقدم قليلا ويدعو ويسأله أن يتقبل منه.
فإن رماها بالسبع الحصيات في دفعة واحدة لا يجزئه بغير خلاف بيننا، ثم يتقدم أيضا ويرمي الجمرة الثانية يصنع عندها كما صنع عند الأولى ويقف ويدعو بعد الحصاة السابعة، ثم يمضى إلى الثالثة وهي جمرة العقبة تكون الأخيرة بها يختم الرمي في جميع أيام