وإذا صاد المحرم نعامة فقتلها كان عليه جزور، فإن لم يقدر على ذلك قوم الجزاء والمقوم عندنا هو الفداء دون المصيد وفض ثمنه على البر وتصدق على كل مسكين نصف صاع، فإن زاد ذلك على إطعام ستين مسكينا لم يلزمه أكثر منه وكانت الزيادة له وإنما الواجب عليه إطعام هذه العدة هذا المقدار، وإن كان أقل من إطعام ستين مسكينا فقد أجزأه ولا يلزمه غير ذلك، فإن لم يقدر على إطعام ستين مسكينا صام عن كل نصف صاع يوما فإن لم يقدر على ذلك صام ثمانية عشر يوما.
فإن قتل حمار وحش أو بقرة وحش كان عليه دم بقرة، فإن لم يقدر قومها وفض ثمنها على البر وأطعم كل مسكين نصف صاع، فإن زاد ذلك على إطعام ثلاثين مسكينا لم يكن عليه أكثر من ذلك وله أخذ الزيادة كما قدمناه في النعامة، فإن لم يقدر على ذلك أيضا صام عن كل نصف صاع يوما فإن لم يقدر على ذلك أيضا صام تسعة أيام.
ومن أصاب ظبيا أو ثعلبا أو أرنبا كان عليه دم شاة، فإن لم يقدر على ذلك قوم الجزاء الذي هو الشاة وفض ثمنها على البر وأطعم كل مسكين منه نصف صاع، فإن زاد ذلك على إطعام عشرة مساكين فليس عليه غير ذلك، وإن نقص عنه لم يلزمه أيضا أكثر منه، فإن لم يقدر عليه صام عن كل نصف صاع يوما، فإن لم يقدر على ذلك صام ثلاثة أيام.
واختلف أصحابنا في هذه الكفارة - أعني كفارة الصيد - على قولين: فبعض منهم يذهب إلى أنها على التخيير، وبعض منهم يذهب إلى أنها على الترتيب. والذي يقوى في نفسي وأفتى به القول فيها بالتخيير وإلى هذا ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في مسائل الخلاف والجمل والعقود، وإلى الترتيب ذهب في نهايته وهو مذهب السيد المرتضى في الانتصار، والذي يدل على صحة ما اخترناه قوله تعالى: فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم إلى قوله: أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما، و " أو " للتخيير بلا خلاف بين أهل اللسان، والعدول عن الحقيقة إلى المجاز يحتاج إلى دليل قاطع للأعذار، وأيضا الأصل براءة الذمة، والترتيب حكم زائد يحتاج في ثبوته إلى دليل شرعي، فمن شغلها بشئ وادعى الترتيب يحتاج إلى دلالة، وأما الاجماع فغير حاصل على أحد القولين بل ظاهر التنزيل يعضد ما قلناه ودليل على ما اخترناه فلا يعدل عنه إلا