فيه لا يجوز غيره.
وإذا أراد المحرم أن يلبي جاهرا بالتلبية بعد انعقاد إحرامه بالتلبية المخافت بها التي أدنى التلفظ بها أن تسمع أذناه، ثم أراد أن يكون جاهرا بها فالأفضل له إذا كان حاجا على طريق المدينة أن يجهر بها إذا أتى البيداء وهي الأرض التي يخسف بها جيش السفياني التي تكره الصلاة فيها عند الميل، فلو أريد بذلك التلبية التي ينعقد بها الإحرام لما جاز ذلك لأن البيداء بينها وبين ذي الحليفة ميقات أهل المدينة ثلث فرسخ وهو ميل، فكيف يجوز أن يتجاوز الميقات من غير إحرام فيبطل بذلك حجه، وإنما المقصود والمراد ما ذكرناه من الإجهار بها في حال تكرارها.
وإذا كان حاجا على غير طريق المدينة جهر من موضعه بتكرار التلبية المستحبة إن أراد وإن مشى خطوات ثم لبى كان أفضل، والتلبية التي ينعقد بها الإحرام فريضة لا يجوز تركها على حال والتلفظ بها دفعة واحدة هو الواجب والجهر بها على الرجال مندوب على الأظهر من أقوال أصحابنا، وقال بعضهم: الجهر بها واجب فأما تكرارها فمندوب مرغب فيه والإتيان بقول: لبيك ذا المعارج، إلى آخر الفصل مندوب أيضا شديد الاستحباب.
وكيفية التلبية الأربع الواجبة التي تنزل في انعقاد الإحرام بها منزلة تكبيرة الإحرام في انعقاد الصلاة هو أن يقول:
لبيك اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك، فهذه التلبيات الأربع فريضة لا بد منها.
فإذا لبى بالتمتع ودخل إلى مكة وطاف وسعى ثم لبى بالحج قبل أن يقصر فقد بطلت متعته - على قول بعض أصحابنا - وكانت حجته مبتولة هذا إذا فعل ذلك متعمدا، فإن فعله ناسيا فليمض فيما أخذ فيه وقد تمت متعته وليس عليه شئ.
ومن لبى بالحج مفردا ودخل مكة وطاف وسعى جاز له أن يقصر ويجعلها عمرة ما لم يلب بعد الطواف، فإن لبى بعده فليس عليه متعة وليمض في حجته، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته ولا أرى لذكر التلبية ههنا وجها وإنما