الأصحاب به.
إلا أن التحقيق هو كفاية خبر الثقة في الموضعات أيضا، للسيرة القطعية التي لا يصلح للردع عنها مثل خبر مسعدة، المخدوش دلالة بل وسندا والاجماع المدعى ليس بحجة، ولا يكشف عن اعتبار الخبر عندهم، لاختلافهم في الاستدلال في المسألة.
وأيضا لا يعتبر في المخبر الثقة أن يكون عادلا، للسيرة العقلائية القطعية، وكون آية النبأ رادعة عن هذا السيرة يتوقف على أن يكون الأمر فيها بالتوقف عن قبول خبر الفاسق تعبدا شرعيا، إلا أن مقتضى الأمر بالتبين والتعليل بعدم الإصابة. هو الارشاد إلى ما عليه السيرة العقلائية، من عدم الاعتماد على خبر الفاسق، لا لكونه فاسقا بل من جهة عدم الوثوق بخبر الفاسق، وحينئذ فحيث يكون الفاسق صادقا في اخباره فلا حاجة إلى التبين، لعدم ترتب الإصابة بجهالة والندم على العمل بخبره.
فتحصل أنه لا يعتبر التعدد ولا العدالة في الاخبار عن الموضوعات، لعدم ثبوت الرادع عن السيرة القائمة فيها. هذا في غير باب القضاء أما في باب القضاء فليس الأمر بهذه السهولة، لأنه الباب الموضوع لحل المنازعات وفصل الخصومات الواقعة في النفوس والفروج والأنساب والأموال والحقوق. هذه الأمور التي شدد الشارع فيها وأكد على الاحتياط. فكان مقتضى الحكمة أن لا يكتفي بشهادة الثقة ولا العدل الواحد، بل اعتبر (البينة) فقال: (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) و (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ولم يرد عن الشارع الحكم بشهادة الواحد وحيثما حكم بشهادته لقبه ب (ذو الشهادتين).