تعمدت الشهادة عليه زورا وعلى غرامة دية اليد مثلا لو شهد عليه بالسرقة ورجع، إلى غير ما ذكر.
ثم إنه ذكر شروط لتأثير التسبيب في الضمان: الأول أن يكون في غير الملك فلو كان في الملك لم يضمن وعلل بأن تصرفات الملاك في أملاكهم مما رخص فيها الشارع ولو كانت باعتبار الدواعي النفسانية، ويمكن أن يقال نصب الميزاب تصرف في الملك على طريقة العقلاء ومع ذلك يوجب الضمان إلا أن يقال لعل وجهه أنه تصرف في طريق المسلمين والتصرف إذا كان مضرا غير جائز، لكن يمكن الاشكال في التعليل المذكور بأنه إذا حفر بئرا في أرض مباح كالأرض الميتة فمقتضى بعض الأخبار المذكورة الضمان إذا وقع إنسان أو حيوان فيها ومقتضى التعليل المذكور عدم الضمان ولعله لذا اشترط الشرط الثاني وهو أن لا يكون مباحا شرعيا، إلا على بعض الوجوه.
الثالث أن لا يكون مقرونا بالغرض الصحيح فلو كان معللا به لم يضمن للأصل السالم عن معارضة الدليل وقاعدة الاحسان، ثم أجيب عن السؤال بأن رواية الميزاب ونحوها دليل الضمان، بأن نصب الميزاب في ذلك الزمان أي زمان صدور الرواية لا يبعد كونه عدوانا وتعديا عرفيا بكثرة ما يترتب عليه من الأذيات مضافا إلى قصورها عن الانتهاض في مخالفة الأصل مع مخالفة جمع من المحققين وعدم اشتمالها على ما يوجب التعدي عن مورده المخصوص بحيث يكون قاعدة كلية.
ويمكن أن يقال: إذا كان المدرك الأخبار فلا بد من رفع اليد عن الخصوصيات وإلا لم يمكن استفادة القاعدة الكلية وأما الأصل فكيف يؤخذ به مع وجود الدليل وأما التمسك بقاعدة الاحسان فهو فرع صدق الاحسان بمجرد وجود الغرض الذي يكون متوجها به عند العقلاء، وما ربما يقال من أن الحسن ما لا حرج ولا سفه في فعله لم يظهر وجهه فإن العقلاء لا يعدون من كان فعله كذلك من المحسنين وهل يكون من فعله كذلك مشمولا لقوله تعالى " إن رحمة الله قريب من المحسنين " و يكفي الشك في صدق الاحسان.