ضمان أجرة الصانع الحر مع عدم استيفاء منافعه لأنه ليس في البين سبب للضمان بخلاف منافع العبد حيث إنه مع حبسه يتحقق اليد على المملوك وبالتبع على المنفعة كما لو غصب دارا بلا استيفاء منفعتها حيث إنه ضامن للعين والمنفعة ولو لم يستوفها.
وقد يقال في وجه عدم كون الحر مضمونا ما حاصله أنه لا مجال للاستدلال بحديث " على اليد ما أخذت " من جهة أن اليد الموجبة للضمان هي اليد الكاشفة عن الملكية فحيث كان الشئ غير واجد لصفة المملوكية امتنع تعلق اليد عليه، والحر غير قابل لصفة المملوكية لكونه مالكا، فكما أن المملوك لا يكون مالكا كذلك المالك لا يكون مملوكا لأن المالكية والمملوكية متضادتان لا يمكن قيامهما بمحل واحد إلا أن يكون في أحدهما نقصان كما في ملك العبد على القول بملكيته، وثانيا مع التسليم نقول إن قوله عليه السلام حتى تؤدي قرينة على تخصيص الموصول، وجه القرينية عدم صدق الأداء على دفع دية الحر لأن دفع القيمة أو المثل في الماليات دفع للعين المغصوبة عرفا بخلاف الدية فإنها ليست عوضا للنفس لا حقيقة ولا عرفا وإنما هي حكم شرعي.
هذا إذا قلنا بأن دفع القيمة أو المثل مستفاد من قوله عليه السلام حتى تؤدي وأما لو قلنا بأنه حكم شرعي أو عرفي بعد تعذر الفائتة وهو الأداء فقد يقال بدلالته على ضمان الحر الصغير ووجوب دفع ديته وما يتوهم من أن كلمة " على " التي دلت على الضمان لا يتناول معناها وجوب دفع الدية لأن الضمان هو الالتزام بالعوض والدية ليست عوضا.
ففيه أن لفظ الضمان غير مذكور في الرواية بل هو مستفاد من كلمة " على " ولا فرق في طريق الاستفادة بين كون المأخوذ مالا له بدل مالي أو غير مال محكوما بدفع المال في تلفه، ولذا يقال: الطبيب ضامن.
ويرد عليه أن دفع البدل إذا كان حكما شرعيا مستفادا من غير الأمر بالأداء يحتاج ثبوته إلى دليل شرعي وهو مفقود في المقام غير ما رواه وهب بن وهب أبو البختري