الحيوان المفرط السمن ومن الذي لا سمن له البتة. وما كان من الحيوان يغتذي بأغذية سريعة الانهضام، كان أفضل مما يغتذي بخلاف ذلك. وما كان من الحيوان في طبيعته رطبا، فذكره أحمد من أنثاه، والمستكمل أيضا خير مما لم يستكمل بعد. وما كان من الحيوان في طبيعته يابسا، فأنثاه أحمد من ذكره، وغير المستكمل منه خير مما قد استكمل.
فأما اختلاف غذاء الحيوان على حسب أوقات السنة، فقد بينا فيما تقدم ان من الحيوان ما الغالب على مزاجه الحرارة واليبوسة مثل الجزور (1) وما شاكله، ومنه ما الغالب على مزاجه الحرارة والرطوبة مثل الضأن وما شاكله، ومنه ما الغالب على مزاجه البرودة والرطوبة كما ذكرنا، ومنه ما الغالب على مزاجه البرودة واليبوسة مثل البقر والماعز، ومنه ما هو في غاية الاعتدال مثل الجداء الرضع والرضيع من البقر والحولي من الضأن. فما كان منه حارا يابسا كان مذموم الغذاء جدا، الا ان أصلح ما يكون في الشتاء. وما كان منه حارا رطبا فأحمد ما يكون في الربيع وبعده الخريف. وما كان منه باردا يابسا كان مذموم الغذاء أيضا، الا ان احمد ما يكون في النصف الأول من الصيف، لان في الهواء بعدا من الرطوبة ما يحتمل من يبس مزاجه. وما كان منه باردا رطبا، فأحمد ما يكون في وسط الصيف وأردأ ما يكون في الشتاء، وحاله في الربيع والخريف قريب (2) من ذلك. وما كان منه معتدل المزاج، فأحمد ما يكون في الربيع وبعده الصيف.
وللفاضل أبقراط في هذا فصل قال فيه: إن لحم الحيوان البارد في الربيع والشتاء والخريف فليس بالمحمود. وأحمد ما يكون في الصيف. وأما الماعز في الشتاء فردئ جدا، وحاله في الربيع والخريف قريب (1) من ذلك، وأحمده ما يكون في الصيف. وأما الضأن، فأحمد ما يكون في الربيع وفى سوى ذلك من الأزمنة مذموم. وأما البقر فهو في النصف الآخر من الربيع والنصف الأول من الصيف محمود، وفى خلاف ذلك مذموم.