من جهتين: من يبس مزاجهما ومن يبس سنهما. ولذلك قال جالينوس: إن ما كان من الحيوان جافا بالطبع مثل البقر وبعده الماعز، فما دام صغيرا فلحمه أجود وغذاؤه أحمد واستمراؤه أسرع، لان فضل رطوبة سنه يعدل يبس مزاجه، وكل حيوان أرطب مزاجا مثل الضأن وغيره. وكلما استكمل كان أفضل في استمرائه وغذائه جميعا لان رطوبة مزاجه يعدل يبس سنه.
وله في مثل ذلك قول آخر قال فيه: إن ما يكون من الحيوان أسن، فأعضاؤه أجف وأصلب وأبطأ انهضاما. وما كان فتيا، فأعضاؤه ألين وأرطب وأسرع انهضاما إلا أن يكون رضيعا، فيكون بلغمانيا وبخاصة متى كان من حيوان أرطب بالطبع.
وله قول آخر قال فيه: إن جميع الحيوان الطائر والماشي ما دام في النشوء، فلحمه أفضل من لحم ما قد ولى وقارب النقصان. وما كان متوسطا بين ذلك كان في جودة غذائه ورداءته متوسطا بين الحاشيتين وآخذا من كل واحد بقسطها على حسب قربه من كل واحد منهما وبعده منهما.