مذموما. والذكر لما كان من كل حيوان، بالإضافة إلى نوعه أسرع انهضاما لزيادة حرارته بالطبع، صار أفضل من الأنثى في سرعة الانهضام. فأما في جودة الغذاء فليس هو بأفضل منها، من قبل أن رطوبة الأنثى مما يعدل يبس مزاجها النوعي ويحسن غذاءها. ومن أجل ذلك صار الذكر من البقر إذا كان رضيعا أفضل غذاء وأحمد مما كان منه غير رضيع. ذلك لما يكتسبه من الرطوبة المحمودة من اللبن فيعتدل بها مزاجه ويرطب.
وأما الخصي من كل حيوان، فهو في مزاجه متوسط بين مزاج الأنثى ومزاج الذكر من نوعه الذي هو منه. ولذلك صار في فعله وانفعاله على حالة متوسطة بين فعل الذكر وانفعاله، وفعل الأنثى وانفعالها، من قبل أنه وإن كان في أصل ميلاده ذكرا، فقد زال عنه عضو شريف وأصل قوي لجوهر الحرارة الغريزية. ولذلك نقصت حرارته وزالت عن مقدار حركة الذكر قليلا. ولهذه الجهة صار مزاجه متوسطا بين مزاج الذكر ومزاج الأنثى وفعله كذلك لأنه أقل إسخانا للأبدان من الذكر، وأكثر في ذلك (1) من الأنثى. وكذلك هو أيضا أبطأ انهضاما من الذكر وأسرع في ذلك من الأنثى. وبهذا الوزن والقياس صار الدم المتولد عنه أفضل من دم الأنثى وأقل فضلا من دم الذكر، وصار غذاؤه كذلك، إلا في الماعز فقط فإن غذاء الخصي منه أفضل من غذاء الذكر وأقل فضلا من غذاء الأنثى.
وإذ أتينا على ما أردنا شرحه من الفرق بين طبيعة الذكر والأنثى من كل حيوان، وطبيعة ما ليس بذكر ولا أنثى، فلنرجع إلى ما كنا وعدنا به من الاخبار عن الوجوه التي منها اختلف غذاء الحيوان في جودته ورداءته وسرعة انهضامه وإبطائه، ونجعل ابتداء كلامنا في المزاج إذ كان أسبق في الطبع وأولى بالتقدم على غيره.