انهضاما (1) من الورق، إلا أنه قد يختلف في كثرة فساده ونقصانه على حسب عظمه من صغره، ولينه من صلابته لان من النبات ما يكون بعد في الزيادة والنمو، ومنه ما قد تم وانتهى في زيادته إلا أنه بعد طريا لينا، ومنه ما قد عصا وصلب وقارب الجفاف.
فما كان منه بعد في النمو، فلغلبة المائية عليه، صارت قوته أضعف وفعله أنقص. ولذلك بعد من الأشياء الملطفة إلا أنه، وإن كان كذلك، فإن أفضل ما فيه ورقه لان الورق من كل نبات أقل حرافة وجفافا من الأصل بالطبع. وما كان منه قد انتهى في النمو أو تم، إلا أنه بعد طري رخص، فإنه لنقصان رطوبته عن النوع الأول قليلا وزيادة يبسه، تزيد قوته ويقوى فعلها، ويزول عن حد ما يلطف إلى حد ما يسخن ويجفف. ولذلك وجب ألا يستعمل أصل هذا النوع أصلا إلا عند الضرورة والحاجة إليه على سبيل الدواء في تلطيف فضول غليظة في البدن ولا يتخذ أيضا إلا بعد أن يسلق بماء وشئ من خل وتكسر حدة حرافته بالزيت وغيره من الادهان الملينة.
وأما ما عصى وصلب وقارب الجفاف، فقد زال عن حد الغذاء وحد الدواء لأنه قد انتقل من حد ما يسخن إلى حد ما يحرق ويفرق الاتصال. ولذلك وجب ألا يقرب لا أصله ولا ورقه، من قبل أنه لما كان قد انتهى في النمو وتم، إلا أنه بعد طري رخص أقوى فعلا وأظهر تأثيرا مما كان بعد مما قد انتهى في النمو، لنقصان رطوبته عنه، وجب أن يكون ما قد عصى وصلب وقارب الجفاف أقوى فعلا وأظهر تأثيرا مما قد انتهى في النمو، إلا أنه بعد طري رخص، ومن قبل ذلك صار مذموما جدا معدودا من الأشياء المحرقة.
فأما ما كان من النبات تفها لا طعم له، فإنه دال على غلبة الرطوبة على مزاجه. ولذلك صار أردأ ما فيه ورقه لغلبة الرطوبة على الورق بالطبع. ولهذا صار مرخيا للمعدة مهيجا للغثي والقئ مولدا للرطوبات البلغمانية. ومن قبل ذلك وجب ان نتوقى الاكثار منه حتى ينبغي أن نتوقى الاكثار من ورق السلق فضلا عما سواه، على بعد السلق من توليد البلغم لما فيه من البورقية اليسيرة. ولهذا وجب أن نلتمس الحيلة في إصلاح ما كانت هذه حاله بأن يكسب طعما نستلذ به ويطيب بالخل والمري والأبازير لقوته النشافة كيلا يكون كريها فيغثي.
وقد ينقسم أصل هذا الضرب من النبات على ضربين: وذلك أن منه ما ينبت في أراض يابسة جافة قليلة المياه مثل الكمأة وما شاكله. ومنه ما ينبت في أراض لينة رخوة كثيرة الرطوبة والعفونة مثل الفطر وما شاكله. فما كان منه نابتا في أراض جافة قليلة الرطوبة كان أفضل وأحمد وأقل غائلة وأبعد من الفساد مما كان نابتا في أرض لينة رخوة كثيرة الرطوبة والعفونة. ولذلك صارت الكمأة أفضل وأقل غائلة وأبعد من الدم والفساد من الفطر كثيرا، لان الكمأة نباتها في أراض جافة يابسة وتغتذي بماء