وأعسرها (1) انهضاما وأبعدها انحدارا وأعونها على تليين البطن، وأخص أنواع العنب بتوليد النفخ والقراقر وسد الكبد والطحال، ذلك لطول لبثه في العروق وعسر نفوذه فيها لغلظه وقلة (2) حلاوته.
وما كان منه رقيقا مائيا قريبا من المز، كان أقلها وألطفها غذاء وأعدلها مزاجا وأسرعها انهضاما، ولذلك صار مقويا (3) للمعدة منقيا (4) لها من المرة الصفراء مسكنا للعطش، موافقا لمن اعتدل مزاجه ورطوبته. وأما ما كان طعمه خمريا متوسطا بين لطافة المزازة وغلظ الحلاوة، فإنه بالإضافة إلى المز أكثر غذاء وأغلظ وأبعد انهضاما وأقل تسكينا للعطش، وبالإضافة إلى الحلو أقل غذاء وألطف وأسرع انهضاما وأسهل نفوذا في العروق وأبعد من توليد السدد والرياح.
فأما اختلاف العنب من قبل لونه يكون على أربعة ضروب: لان منه الأبيض الصافي، الكثير المائية، القليل اللحم، الرقيق القشر، الصغير الحب. ومنه الأسود الغليظ اللحم والقشر القليل المائية العظيم الحب. ومنه الأصفر والأحمر المتوسطان بين غلظ الأسود ولطافة الأبيض. فما كان من العنب أبيض صافيا (4)، كان أرق وألطف وأسرع انهضاما ونفوذا في العروق وأعون على درور البول، إلا أنه أقل غذاء وأسرع انهضاما من الأعضاء. وما كان منه أسود غليظا (4)، كان أشدها عفوصة وأكثرها تقوية للمعدة وأعسرها انهضاما وأبعدها من درور البول، إلا أنه إذا انهضم كان غذاؤه أكثر. وما كان منه أحمر وأصفر كان متوسطا بين غلظ الأسود ولطافة الأبيض إلا أنهما أميل إلى الأبيض منهما إلى الأسود، وأقربهما من الأبيض والأسود، ولذلك صار ألطف وأسرع انهضاما (5).