وتوهم دلالة أخبار النزح عندهم على النجاسة (1)، في غاية الوهن، لأنهم كيف ذهلوا عن الجمع بحملها على الاستحباب، مع توغلهم في الجموع العجيبة بين الأخبار؟! فمن راجع كتب القدماء - ولا سيما " الإستبصار " - يطمئن بذلك قطعا، فدعوى أكثرية الطائفة الأولى على الثانية (2)، غير مسموعة.
واحتمال الجموع الأخر غير صحيح، لأن أحسن الجموع العقلائية ما صنعه المتأخرون، وليس هذا من الجمع المغفول عنه عادة، حتى يقال:
بغفلة هؤلاء الأعلام والأعاظم عنه في العصور الكثيرة، مع نهاية دقتهم في هذا الأمر، ومع تمام توجههم إلى أن هذا أمر مشكل صعب، يورث الالتزام بالمشقة المخالفة لأصل الدين.
فما أفاده " كشف الغطاء ": " أن المسألة واضحة، ولا تحتاج إلى الرواية بعد التوجه إلى أن البئر لا تبقى على الطهارة " (3) في غير محله، لأن هذا أمر في زمن السابقين كان أوضح، ومع ذلك التزموا بالنجاسة، فيعلم من ذلك قوة مدركهم، كما أن ضعف الطائفة الأولى في الدلالة يقوي مدركهم.
فلا يمكن الالتزام على الوجه الصحيح، بأن الأصحاب - رضي الله عنهم - ما أعرضوا عنها، وقد عملوا بها جمعا أو ترجيحا، لعدم الوجه له،