يمكن أن يكون وجها لذلك أمور:
أحدها: ما مر منا في الجهة الأولى: من أنه يصح الوضوء، ولا يجوز التصرف، لما تقرر من إمكان الاجتماع (1).
ثانيها: أن المستفاد من الأدلة، أن ما هو الموضوع لخطاب:
" لا تتوضأ " هو المغصوب المعلوم إجمالا أو تفصيلا، وعليه لا علم إجمالي في البين يؤثر في تنجيز الحكم المعلوم، حتى يقال: " بأن جريان الأصول في الأطراف، يورث المخالفة القطعية " (2) أو يقال: " إن مجرد إمكان اجتماع الأمر والنهي، غير كاف لصحة العبادة، لأن في خصوص العبادات تكون الغلبة مع جانب النهي، كاشفة عن القيد في المأمور به عرفا، بل وعقلا " (3) فإن هذه الكلمات من أرباب الفضل حول هذه المسألة، غفلة محضة، فلا تغفل، ولا تخلط.
بل بعد الفراغ عن قبول المبنى المزبور، فهو كمبنى " الحدائق " في النجاسات، فلا تكليف معلوم أصلا بالنسبة إلى التوضي، فتكون قاعدة الطهارة من هذه الجهة جارية، فيصح التوضي، لأنه بالنسبة إلى المغصوب الواقعي لا تكليف قطعا، لعدم تمامية موضوعه، نظير العلم الاجمالي: بأنه إما يجب عليه الأداء في الوقت، أو القضاء خارجه، فإنه لا يورث التنجيز إلا على تقدير ترك الطرف، لأن موضوع القضاء هو