نعم، إن قلنا: برجوع العنوان إلى الجهة التعليلية، يمكن دعوى القطع بالحرمة، فإن شرب هذا الماء حرام، إما لأنه نجس، أو لأنه مغصوب، فيكون الترديد في العلة.
وأنت خبير بما فيه، فالحرمة معلومة بجنسها تفصيلا، وبنوعها إجمالا، وما هو منشأ الأثر هو الثاني، دون الأول.
وعلى هذا، يمكن دعوى: أن هذا العلم ليس منجزا، لما مر من أصالة الحرمة في الأموال (1)، فتكون الشبهة البدوية منجزة، ولا تجري أصالة الحلية في ناحية الغصب، فتكون قاعدة الطهارة في الطرف الآخر بلا معارض، فيجوز شربه، بمعنى أنه يجوز شربه ذاتا، ولا يكون من شرب النجس، ولا يجوز ذلك، لأجل أنه من التصرف في مال الغير احتمالا منجزا.
وتظهر الثمرة في صحة الوضوء، فإنها وإن كان تصرفه فيه بالتوضي محرما، ولكنه صحيح، لعدم تمامية دليل اعتبار الإباحة في صحته وضعا. ولعل لمثل ذلك اختار الأعلام - عفي عنهم - ذلك (2).
وربما يخطر بالبال دعوى أن يقال: بأن تقدم المنجز زمانا ورتبة، كاف في اسقاط تأثير المنجز الآخر مثلا، لما اشتهر: " أن المتنجز لا يتنجز " وأما إذا كان مثل ما نحن فيه فلا، ضرورة أن العلم الاجمالي بالنجاسة والغصبية حصل، ولا تكون شبهة الغصبية متقدمة عليه، بل هي من محصلات العلم، ويكون العلم قائما بها، فلا وجه لعدم استناد التنجيز إلى