العقود آلة لانشاء المنشئ للمعنى الذي ينشأه بها في عالم الاعتبار أو يكون له مسبب انشائي مترتب عليه، لا اشكال في عدم جريان الفضولي فيما لا تقبل النيابة أصلا، ضرورة أن ما لا يصح صدوره عن الغير بالنيابة لا يصح صدوره عن الغير بلا نيابة بطريق أولى ولا في عدم جريانه فيما ليس له مسبب انشائي وذلك لأنه لا يعقل انقلاب الشئ عما وقع هو عليه فالصلاة الواقعة عن الفاعل مثلا لا يعقل استناده إلى آخر بالإجازة. فمورد صحة الفضولي لا بد من أن يكون معنى قابلا لأن يستند إلى المجيز بسبب الإجازة وهذا بخلاف الإذن السابق فإن المأذون إذا فعل عن الغير يقع عن الغير وأما وقوعه عن شخص ثم استناده إلى آخر فهو غير معقول، والسر في ذلك أن نفس الفعل الصادر ليس له بقاء حين يلاحظ حاله البقائي ويستند إلى غير الفاعل. وفي حال حدوثه كان مستندا إلى الفاعل واستناد حال حدوثه إلى غيره مستلزم للانقلاب، ومنه يظهر عدم جريان الفضولي أيضا فيما يكون للفعل مسبب انشائي بالنسبة إلى نفس المعنى السببي فالايجاب والقبول من حيث هما سببان للالتزام العقدي لا يقبلان الفضولي لأنهما أيضا لا حالة بقائي لهما وإنما البقاء للمنشأ بهما فانحصر مورد امكان الفضولي بالمنشأ المترتب على الفعل الصادر عن الفاعل من غير فرق بين الالتزام العقدي أو الايقاعي، لكن الاجماع قام على عدم جريان الفضولي في الايقاع فينحصر مورده بالعقود في خصوص المعنى المسببي لأنه معنى قابل للبقاء، ولما كان انشائه عمن لا يكون سلطانا في إنشائه محتاجا إلى تتميم نقصه بإجازة المالك الموجبة لاستناده إليه فبالإجازة يتم الالتزام العقدي ويصير مشمولا لعموم أوفوا بالعقود الذي يدل على حكم معاملي وهو اللزوم لا الحكم التكليفي أعني وجوب الوفاء بالعقد كما حققناه
(٤٥١)