يكون مقصوده اعتبار فعلية القصد لكن الأول لا يلائم مع ذهابه إلى بطلان الفضولي في بيع الغاصب لنفسه، حيث إن قصد ايقاعه عن الغير فيه بمكان من الامكان، مع أنه لا وجه لاعتباره أصلا وكذلك الثاني.
ويمكن أن يكون الوجه فيما اختاره هو اعتبار القصد عن الغير فيما لا يترتب عليه مسبب شرعي في وقوعه عن الغير كالصوم والصلاة، حيث إنه لولا القصد عن الغير لا يقع عن الغير، بل يقع عن نفس الفاعل إن كانت ذمته مشغولة به وإلا يقع لغوا ولا يقع استناده إلى الغير بلحوق إجازة الغير، فكأنه (قده) قاس مورد جريان الفضولي بما ذكر مما لا يجري فيه الفضولي لأجل عدم ما يترتب عليه من المسبب الشرعي، ولكن قد عرفت الفرق بين المقام وبين ما ذكر وإن القياس مع الفارق فالخلط بين المقامين أوجب توهم منع جريان الفضولي في المقام لأجل عدم فعلية قصد الايقاع عن الغير قياسا له بمثل باب الصوم والصلاة.
الوجه الثاني إن بيع الراهن قبل إجازة المرتهن تصرف في حق المرتهن قبل إذنه وهو منهي عنه والنهي يدل على الفساد، والجواب عنه أولا ما تقدم في بيع الفضولي بأن هذا ليس تصرفا في حق الغير بل هو تصرف في لسانه بانشاء العقد إذ الكلام في نفس العقد الصادر عن الراهن لا في قبضه واقباضه، وثانيا بأنه على فرض كونه تصرفا فيه. فالنهي عنه لا يدل على الفساد لرجوعه إلى ناحية السبب لا إلى مرحلة المسبب، وثالثا بأنه على تقدير رجوعه إلى المسبب أيضا لا يدل على الفساد في المقام لأن الفساد ينشأ من عدم إجازة المرتهن أعني استقلال الراهن في البيع من دون إجازة المرتهن أصلا وهذا لا كلام فيه، وإنما الكلام في صحته بعد إجازته وهو لا يكون متعلقا للنهي كما لا يخفى.