فيندفع بلا ضرر، ولكنه فاسد بما تكرر مرارا من أن لسان دليل نفي الضرر الحاكم على أدلة الأحكام هو رفع الحكم الثابت عن مورد الضرر لا اثبات الحكم المنفي، والمقام من قبيل الثاني لا الأول، حيث إن الضرر يلزم من عدم ثبوت حق الرجوع، وأما الضرر المثبت للحكم فهو الذي يكون في مرتبة الملاك، ويصير منشأ لتشريع الحكم الذي من وظيفة الشارع لا غيره، فليس للفقيه اثبات حكم في موضوع بقاعدة لا ضرر إلا أن يكون مشرعا كما لا يخفى فقاعدة لا ضرر أيضا أجنبي عن إفادة جواز رجوع المشتري إلى البايع.
وأما قاعدة الغرور فهي المدرك في اثبات رجوع المشتري إلى البايع وتنقيحها يتم ببيان أمور (الأول) في مدرك تلك القاعدة وهو النبوي المرسل (المغرور يرجع إلى الغار) المعتضد بعمل الأصحاب وتلقيهم إياه بالقبول، مضافا إلى ما ورد في تضاعيف باب النكاح من رجوع المدلس عليه إلى المدلس مستدلا في بعضه بأنه دلسها، وإلى ظاهر رواية جميل المذكورة في الكتاب، أو فحويها من رجوع المشتري إلى البايع بثمن الجارية وقيمة الولدان أخذت منه وغير ذلك مما هو مذكور في بعض المسائل الراجعة إلى البيع فالقاعدة لا شبهة فيها من حيث المدرك في الجملة وإن وقع البحث في بعض تفاصيلها حسبما نشير إليه انشاء الله.
الأمر الثاني إن قاعدة الغرور صغرى من صغريات قاعدة التسبيب بالنسبة إلى اقدام الغير على الضمان، وإن كانت أجنبية عن قاعدة التسبيب بالنسبة إلى الفعل، وتوضيح ذلك أن قاعدة التسبيب تستعمل في موضعين (أحدهما) ما تقدم وهو الذي حكم فيها بضمان السبب وعدم ضمان المباشر، وضابطها هو ما كان الفعل مترتبا على المقدمة الاعدادية بحيث لا يتوسط فاعل مباشر