فصار كأبيه طليقا، ومن المؤلفة قلوبهم وصحب الرسول سنة وهو على حاله! ومات الرسول وهو على حاله! وبقدرة إعلام دولة البطون، وحسب تقديم خلفائها، صار معاوية المؤهل الوحيد لولاية بلاد الشام كلها، والوالي الوحيد الذي لا يسأل عما يفعل بولايته طوال عشرين عاما، وصار الصحابي الجليل، وكاتب الوحي الأمين وأمير المؤمنين، حبه دين، والخروج عليه فسوق وكفر، وموالاته إيمان وكرهه عصيان. وصار علي بن أبي طالب حاشا له يستحق السب والشتم واللعن في العشي والإبكار تنفيذا لأمر معاوية وأركان دولة البطون!
واقتنعت الأكثرية الساحقة من المسلمين بأن سب علي ولعنه وشتمه، تنفيذا لأمر معاوية، أمور تقربها من الله زلفى فلعنته بالفعل في جميع الأوقات، وصار ذلك جزءا من العقيدة الدينية للأكثرية الساحقة من أبناء الأمة الإسلامية!
فتعجب لا أراك الدهر عجبا، ولكن عجبك يزول إذا عرفت قدرة إعلام البطون تلك القدرة القادرة على تحويل الأسود إلى أبيض فاقعا والأبيض إلى أسود قاتما! وبقدرة قادر صار الذي يحب معاوية ويتشيع له، ثقة مؤتمنا على نقل أحاديث الرسول والمشاركة في إدارة دولة المسلمين، وصار عاشقا لوحدة المسلمين ومشفقا عليها! أما الذي يحب عليا بن أبي طالب ويتشيع له فهو ليس بثقة، ولا يؤتمن على نقل أحاديث الرسول، وينبغي أن يجرد من حقوقه المدنية، فلا تقبل له شهادة! ومن باب سد الذرائع يجب أن يقتل كل أولئك الذين يوالون عليا وأهل بيت النبوة حتى لا يفرقوا الأمة بعد اجتماع كلمتها على أمير المؤمنين معاوية! ليس في الدنيا كلها عاقل واحد يمكن أن يقبل هذا المنطق أو يستسيغه، أو يرتاح ضميره إلى تلك الأحكام الجائرة! فتعالى الله عما يصفون.
* *