الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل، فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبي بلتعة، فسار إليها في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد فلما انتهى إليهما خرجا! فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا وكان بطنه قد سقي، فلم يكن عنده امتناع، وأما رفاعة بن شداد وكان شابا قويا فوثب على فرس له جواد فقال له: أقاتل عنك؟ قال: وما ينفعني أن تقاتل؟ أنج بنفسك إن استطعت، فحمل عليهم فأفرجوا له، فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان راميا، فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه! وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت فقال: من إن تركتموه كان أسلم لكم، وإن قتلتموه كان أضر لكم! فسألوه فأبى أن يخبرهم، فبعث به ابن أبي بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره، فكتب إليه معاوية إنه زعم أنه طعن عثمان بن عفان تسع طعنات بمشاقص كانت معه، وإنا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان! فأخرج فطعن تسع طعنات، فمات في الأولى منهن أو الثانية)!
عمرو بن الحمق من نوع أويس القرني من المتفق عليه بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وآله بشر أمته بأويس القرني رحمه الله وشهد بأنه من كبار الشفعاء في الآخرة، وقالت أكثر المصادر إنه سكن الكوفة حتى إذا تسلم علي عليه السلام الخلافة بايعه على الموت وشارك في حرب الجمل، ثم بايعه على الموت في صفين واستشهد معه! وهذا يفتح الباب على نوعية معينة من عباد الله وجنوده، لهم برنامجهم وتكليفهم الخاص، ومنهم حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق، ورشيد الهجري، وميثم التمار! وبه نفسر تعامل النبي