أما بنو أمية وبنو العباس وغيرهم، فالناس عندهم عبيد لهم، وإراقة دمائهم (حق شرعي) لهم ولعله أسهل عليهم من إراقة الماء!
وقد أسرف معاوية في القتل حتى انتقد نفسه! فكان يقول إنه لا يعرف لماذا قتل الصحابي القائد في الفتوحات حجر بن عدي رحمه الله وأصحابه الستة بشكل فجيع: (ما قتلت أحدا إلا وأنا أعلم فيم قتلته إلا حجر بن عدي)! (فيض القدير: 4 / 166).
ويصف النص التالي تفكير زياد بن أبيه الدموي، ولعل ذلك أحسن ما أعجب معاوية فيه فجعله أخاه! ففي تاريخ دمشق: 19 / 171: عن (الهجيع بن قيس قال: كتب زياد إلى الحسن والحسين وعبد الله بن عباس يعتذر إليهم في شأن حجر وأصحابه، فأما الحسن فقرأ كتابه وسكت، وأما الحسين فأخذ كتابه ولم يقرأه (بل مزقه كما في مختصر ابن منظور)، وأما ابن عباس فقرأ كتابه وجعل يقول كذب كذب، ثم أنشأ يحدث قال: إني لما كنت بالبصرة كبر الناس بي تكبيرة ثم كبروا الثانية ثم كبروا الثالثة، فدخل علي زياد فقال: هل أنت مطيعي يستقم لك الناس؟ فقلت: ماذا؟ قال: أرسل إلى فلان وفلان وفلان، ناس من الأشراف تضرب أعناقهم يستقم لك الناس! فعلمت أنه إنما صنع بحجر وأصحابه مثل ما أشار به علي)!! انتهى.
وقد كان زياد كاتبا عند ابن عباس ثم حاكم البصرة وإيران من قبل علي عليه السلام، ومعنى كبر الناس أنهم صاحوا بشعار الخوارج ضد علي عليه السلام، وكان شعارهم (لاحكم إلا لله الله أكبر) لأنهم قالوا إنهم وعليا عليه السلام كفروا بتحكيم حكمين ويجب أن يتوب علي عليه السلام من التحكيم ويقاتل معاوية!
فأشار زياد على ابن عباس أن يرسل شرطته فيحضر رؤساءهم ويقتلهم ليسكت الباقون ويطيعوه! يقول ابن عباس هذا تفكير زياد! فهو من النوع الذي يفكر أول ما يفكر بقتل معارضيه! وهذا هو نفس تفكير معاوية!