وهذا التكريم في الاستثناء يزيد الشك! فمعاوية يقول: إن أبا سفيان سيد قريش، وقد قبلنا باستثناء محمد! وأنا وارث أبي، فأنا سيد قريش وأفضلها، فمن يكون أبو بكر التيمي وعمر العدوي وعلي الهاشمي، وعثمان من فرع العاص؟!
* * ولا تنس إصرار معاوية على تنفيذ رغبة أبي سفيان في تبني زياد! فقد رأى أبو سفيان زيادا يوما يخطب في المدينة في دار الخلافة، فأعجب به وقال إنه ابنه لأنه بزعمه ولد من زناه بأمه سمية وكانت زوجة عبيد، وبغية ذات علم!
قال الثقفي في الغارات: 2 / 926: (وروى أحمد بن يحيى البلاذري قال: تكلم زياد وهو غلام حدث بحضرة عمر كلاما أعجب الحاضرين، فقال عمرو بن العاص: لله أبوه لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه! فقال أبو سفيان: أما والله إنه لقرشي، ولو عرفته لعرفت أنه خير من أهلك! فقال: ومن أبوه؟ قال: أنا والله وضعته في رحم أمه! فقال: فهلا تستلحقه؟ قال: أخاف هذا العير الجالس أن يخرق علي إهابي ((أي أخاف من هذا البعير ويقصد عمر أن يمزق جلدي)!
وروى علي بن محمد المدائني قال: لما كان زمن علي ولى زيادا فارس أو بعض أعمال فارس فضبطها ضبطا صالحا وجبا خراجها وحماها، وعرف ذلك معاوية فكتب إليه: أما بعد فإنه غرتك قلاع تأوي إليها ليلا كما تأوي الطير إلى وكرها، وأيم الله لولا انتظاري بك ما الله أعلم به، لكان لك مني ما قال العبد الصالح: فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون! وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته:
تنسى أباك وقد شالت نعامته * إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس وقال: العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله، وزوج سيدة نساء