قائل منهم: منا نبي! لا نرضى بذلك أن يكون في بني هاشم ولا يكون في بني مخزوم). (الدر المنثور: 4 / 187، وتفسير القمي: 1 / 276) ومنطق أبي جهل هذا نفس منطق بني أمية وبقية البطون، بل قد تعلمت قبائل العرب هذا المنطق من قريش فأعلنه المتنبؤن منها، وقال طليحة الأسدي: (والله لنبي من بني أسد أحب إلى من نبي من بني هاشم، وقد مات محمد وهذا طليحة فاتبعوه، فوافق قومه بنو فزارة على ذلك). (النهاية: 6 / 350، وإمتاع الأسماع: 14 / 237).
بل أمعن زعماء قريش في عناد الحق إلى غير المعقول فقالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم! وقائل ذلك أبو جهل (البخاري: 5 / 200). و روى الحاكم: 2 / 502، هذا القول عن النضر بن الحارث بن كلدة من بني عبد الدار، وصححه على شرط الشيخين، ولكنه لم يذكر أنه كان على أثر خطبة النبي صلى الله عليه وآله في غدير خم وإعلانه عليا عليه السلام خليفة من بعده، كما أثبتناه في (آيات الغدير) في تفسير قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع)، وهذا يدل على تجذر نظام الحصص القرشية في نفوس بطونها!
وفي المستطرف: 1 / 95، أن معاوية قال لرجل من اليمن: ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! فقال: أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم! ولم يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه)!
إن معادلة حصص البطون هي المحرك الحقيقي لصراع قريش مع النبي صلى الله عليه وآله، ثم لصراعها مع عترته عليهم السلام من بعده، فهي أصل كل المعادلات الأخرى!
وهي نفس المعادلة اليهودية القائلة إن النبي الخاتم لا يجوز أن يكون من بني إسماعيل، وإن اليهود لن يؤمنوا به حتى يكون من بني يعقوب!