أما أبناء الزبير من بني أسد عبد العزى، فقد سكتوا في عصر معاوية، وثاروا على يزيد بعد شهادة الحسين عليه السلام، وسيطروا على الحجاز واليمن لبضع سنوات، ثم هزمهم الأمويون في العراق، فانتهوا سياسيا ولم يعد لهم ذكر.
وهكذا، لم يبق في الساحة السياسية إلا طرفان فقط هما: بنو هاشم، ممثلين بعلي عليه السلام، وبنو أمية ممثلين بمعاوية.
* * قبل الإسلام كانت بطون قريش تعترف لبني هاشم بمكانة السيادة عليها لكن بشرط المحافظة على حصة بني عبد شمس، وبني مخزوم، وبني سهم، وبني أسد بن عبد العزى، وبقية البطون، وقد رأينا ذلك في تاريخ عبد المطلب، وفي حادثة الحجر الأسود، حيث ارتضوا أن يضعه في مكانه حفيده محمد صلى الله عليه وآله.
وهذا هو نظام الحصص القبلية، وهو نظام تجذر في نفوس بطون قريش، لأنه يعني مكانة القبيلة ومصيرها، والخط الأحمر الذي يستنفرون ضد من يتجاوزه!
وبهذا نفهم سبب مسارعة زعماء قريش إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله بمجرد إعلان نبوته، لأنه برأيهم يصادر حصص بطون قريش كلها، ويجعلها لبني هاشم!
فالمسألة عند هؤلاء الزعماء ليست أن محمدا صلى الله عليه وآله صادق أم لا؟ ولا إيمانهم بأصنام اللات والعزى وهبل في مقابل الله الواحد الأحد عز وجل! بل المسألة أن مشروع محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي، يلغي حصص بطون قريش ويدعوها إلى طاعة بني هاشم!
وهذا هو النبأ العظيم الذي يستحق صاحبه القتل حتى لو كان صادقا! وتستحق عشيرته الحرب حتى لو كانت صادقة في إيمانها بنبوة ابنها! وقد عبر أبو جهل المخزومي عن ذلك بصراحة فقال: (كنا وبني هاشم كفرسي رهان، نحمل إذا حملوا، ونظعن إذا ظعنوا، ونوقد إذا أوقدوا، فلما استوى بنا وبهم الركب قال