منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٤٧٢
لمرض الجهل، وكذلك تعليم النافرين المتفقهين في الدين والعالمين بأحكامه، فإنه يوجب علم الجاهلين المنذرين - بالفتح - فتكون الآية المباركة إرشادا إلى ما عليه العقلا من بنائهم على اعتبار خبر الثقة الموجب للعلم العادي، ولا تدل على اعتبار خبر الواحد غير العلمي تعبدا كما هو المطلوب.
وقد يستدل على وجوب الغاية وهي التحذر (بأن المطلوب بالذات هي الغاية وذو الغاية مطلوب بالعرض، فلا يمكن أن يكون ذو الغاية مطلوبا بالطلب اللزومي، ولا تكون الغاية كذلك، مع أنها فعل اختياري لا مانع من تعلق الطلب بها).
لكن فيه: أن المطلوب بالذات وان كان هو العمل، لمقدمية التعليم و التعلم له، لكن كونه كذلك مطلقا حتى بدون علم المنذر - بالفتح - غير ثابت، لأنه على هذا التقدير لا حاجة إلى إقامة الدليل عليه لكونه بديهيا.
مضافا إلى: أنه لو كان كذلك انعكس الامر، وكان وجوب الانذار مترشحا من وجوب التحذر، مع أن ظاهر عطف (لينذروا) على قوله تعالى: (ليتفقهوا) وجوب الانذار كالتفقه شرعيا لا غيريا مقدميا، كيف؟
وهو كالتفقه من الواجبات الكفائية.
فالأولى إثبات وجوب التحذر بلزوم لغوية وجوب الانذار بدونه كما قيل، وهذه اللغوية توجب الملازمة بين الغاية وذيها في الحكم فيما إذا كانت الغاية فعلا اختياريا، ولا وجه لانكار هذه الملازمة بدعوى انتقاضها في موارد:
منها: وجوب إظهار النبي نبوته ودعوة الناس إليها مع عدم وجوب غايته وهي القبول والتصديق تعبدا.