منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٧
ويقينه وشكه بمنزلة يقين مقلده وشكه، فالمجتهد هو المخاطب عنوانا والمقلد هو المخاطب لبا، والا لكان تجويز الافتاء والاستفتاء لغوا).
أقول: لا ريب في أن جميع الأحكام الفقهية من الطهارة إلى الديات مورد ابتلاء المجتهد من حيث الاستنباط واستخراجها من أدلتها وان لم يكن بعضها محل ابتلائه من حيث العمل كأحكام الدماء الثلاثة، فان وظيفته من حيث إنه مجتهد استخراج الاحكام المجعولة لموضوعاتها على نحو القضية الحقيقية سواء كانت متعلقة بعمل نفسه أم مقلده، فيقول: (ان الحائض ذات العادة العددية مثلا إذا رأت الدم بعد أيام العادة ولم يتجاوز العشرة وشك في كون الزائد حيضا، فلتبن على حيضيته) أو (كل من شك في حلية شئ أو طهارته فليبن على حليته أو طهارته).
وعلى هذا، فالأدلة متوجهة إلى المجتهد من حيث كونه ناظرا فيها و مستنبطا للأحكام منها سواء كانت الاحكام المستخرجة منها متعلقة بعمل نفسه أم غيره، ومعه لا حاجة إلى دعوى تنزيل المجتهد منزلة المقلد.
مضافا إلى كونها خلاف الظاهر، حيث إن أدلة الافتاء والاستفتاء ظاهرة في حجية فتوى المجتهد على غيره تعبدا أو إرشادا إلى ما هو المرتكز عند العقلا من رجوع الجاهل بكل فن إلى العالم به، فإنها مساوقة لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر) ونظائره.
والحاصل: أن ظاهر أدلة الافتاء هو بيان الاحكام وتبليغها إلى العباد، و تنزيل المفتي منزلة المستفتي أجنبي عن ظاهرها، ولا ينتقل الذهن العرفي العاري عن الأوهام إليه. وكذا ظاهر أدلة الاستفتاء، فان ظهورها في حجية الفتوى ولزوم الاخذ بها مما لا مساغ لانكاره، ومع هذا الظهور لا يلزم اللغوية حتى