منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٥
وثانيا: - مضافا إلى عدم صحة جعل الطرق والأصول في عرض القطع وعدم صيرورتهما مثله مندرجين في القطع بالحكم، لوضوح كونهما في طوله لا في عرضه، كبداهة تأخر الأصول رتبة عن الطرق - أنه يهدم أساس التقسيم، حيث إن القطع بالوظيفة الفعلية موجود في جميع موارد الطرق والأصول العقلية والنقلية، فالمكلف حينئذ عالم دائما بوظيفته الفعلية، ولا يبقى معه مجال للتقسيم أصلا، إذ لا بد في صحته من وجود المقسم في جميع الأقسام، فلو أريد من الحكم خصوص الواقعي كان التقسيم سليما عن الاشكال، بخلاف ما لو أريد به ما هو أعم من الواقعي والظاهري، فإنه لا يصح أن يقال: (المكلف الملتفت اما عالم بالحكم الظاهري واما غير عالم به) ضرورة أنه عالم بوظيفته الفعلية دائما ولا يتصور الشك فيها أصلا، فينهدم أساس التقسيم الثنائي الذي صنعه المصنف قدس سره.
ومما ذكرنا ظهر عدم تصور الجهل بالوظيفة الفعلية أصلا.
وثالثا: أنه لا يلزم - بناء على تقسيم الشيخ (قده) - تداخل الأقسام كما ادعاه المصنف (قده) وذلك لان مراده بالظن هو الظن المعتبر، لتصريحه بذلك في أول البراءة، وأن حكم غير المعتبر منه حكم الشك، كما أن مراده بالظن هو النوعي منه كما هو صريح كلامه في غير موضع من كتابه.
وعليه فالطريق المعتبر - وان لم يفد الظن الشخصي - داخل في الظن، فلا يدخل الظن في الشك ولا العكس.
فغرض الشيخ (قده) من التقسيم: أن الملتفت إلى الحكم الشرعي اما يحصل له القطع الوجداني به أو التعبدي، واما لا يحصل له شئ منهما، ومرجعه على