منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٤
كما قيل أعرضنا عنها، هذا تمام الكلام في المبحث الأول.
وأما المبحث الثاني، فيذكر فيه وجوه:
منها: رواية أبي الجارود زياد بن منذر، قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام: انا شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى، فلما دخلت على أبي جعفر عليه السلام وكان بعض أصحابنا يضحي، فقال: الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس، والصوم يوم يصوم الناس) (الوسائل ج 7 كتاب الصوم الباب 57 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث - 7 - ص 95 رواه الشيخ باسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الجارود.) ولا بد في الاستدلال بها من البحث في جهتين:
الأولى في دلالتها والثانية في سندها.
أما الأولى، فقيل: إنها تحتمل وجوها ثلاثة:
أحدها: أن زمان الصوم والافطار والتضحية هو ما يجعله الناس لها، فلا واقع له، نظير الاحكام على مذهبهم، لما اشتهر من أنه لا حكم عندهم لواقعة إلا ما يؤدي إليه رأي المجتهد، وعليه فما جعلوه زمانا للتضحية وأخويها هو زمانها حقيقة، ولازمه الاجزاء.
لكن هذا الاحتمال مما ينبغي القطع بفساده، لاعتراف العامة أيضا بأن للصوم وأخويه زمانا معينا بحسب الجعل الشرعي، وإنما الاختلاف في الامارات المحرزة له، فإنهم يحكمون بثبوت ذلك بحكم قاضيهم بالهلال، أو بشهادة فاسق منهم برؤيته، ونحن لا نقول به، فالاختلاف إنما هو في مقام الاثبات، لا الثبوت، كما لا يخفى. فعلى هذا الاحتمال لا تكون هذه الرواية دليلا على الاجزاء في مورد البحث، لفساد أصل هذا الاحتمال.
ثانيها: تنزيل الزمان الذي جعله المخالفون يوم التضحية وأخويها منزلة