منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٢
أو شرط عن الجزئية أو الشرطية، وسقوط ما وجد فيه من الموانع عن المانعية، فهو حينئذ مأمور به على وجهه، وقد أتي به كذلك، فيكون مجزيا عقلا.
فالمتحصل: أن المستفاد من أحبية العبادة المتقى بها من غيرها هو صحتها، وأن المفقود ليس جزا، أو شرطا في حال التقية، وكذا الموجود ليس مانعا كذلك، فالعمل حينئذ مجز لا محالة، لكونه مأمورا به على وجهه.
وقد ظهر مما ذكرنا: أنه لا يصغى إلى دعوى كون المستفاد من أدلة التقية مجرد الحكم التكليفي وهو وجوب الاتقاء، والحفظ عن العدو، فيكون وجوب العمل المتقى به تكليفا محضا، وأن التقية لا توجب صيرورة العمل مأمورا به شرعا حتى يجزي، نظير قبح التجري عقلا، فإن قبحه لا يسري إلى الفعل، بل هو باق على ما كان عليه من الحكم قبل التجري، فكما لا يكون التجري من العناوين الثانوية المغيرة للأحكام الأولية، فكذلك التقية، فلا وجه للاجزاء أصلا، و عدم الاجزاء كاشف عن فساد العمل.
وجه عدم السماع هو: أن الأحبية وهي الأفضلية لا تجتمع مع الفساد، بل تكشف عن الصحة التي هي من قبيل الموضوع للأفضلية، كما عرفت تفصيله.
والحاصل: أن أفضلية العبادة المأتي بها تقية تدل إنا على صحتها، و أنها أفضل مصاديق العبادة الصحيحة، فكيف يمكن التفوه بعدم الاجزاء.
خامسها: صحيحة معلى بن خنيس على الأقوى، قال: (قال لي أبو عبد الله عليه السلام:
يا معلى: اكتم أمرنا، ولا تذعه، إلى أن قال عليه السلام: يا معلى: ان التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، يا معلى: ان الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، والمذيع لامرنا كالجاحد له) (الوسائل ج ١١ كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الباب ٢٤ من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما الحديث ٢٣، رواه سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله المعلى بن خنيس، ورجال هذا السند كلهم ثقات كما في - جش - و - ست - نعم اختلفوا في وثاقة المعلى، والذي ظهر لنا بعد الفحص والتأمل وفاقا لجماعة وثاقته كما حررنا ذلك في رسالة التقية.) ، فإن الظاهر أن المراد بالعبادة سرا