منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٩
وثالثا: بابتناء صحة هذه الدعوى على صرف لفظ (الناس) عن معناه المصطلح أعني العامة إلى معناه اللغوي، وهو خلاف ظاهر سياق تلك النبويات، بل نفس هذا التعبير قرينة على صحة التنزيل المذكور، وأن المراد بالزمان ما يجعلونه زمانا لحجهم كما لا يخفى، فلا بد من كون النبويات المشار إليها في مقام التنزيل، وجعل الحج مع المخالفين ولو في غير وقته الحقيقي صحيحا.
وظاهر إطلاق التنزيل وإن كان صحة الحج معهم مطلقا ولو بدون التقية، إلا أن مقتضى الأدلة الأولية بطلان العمل الفاقد لجز، أو شرط، أو الواجد لمانع، كما لا خلاف ولا إشكال في ذلك أيضا إلا مع التقية، فيقيد إطلاق التنزيل بذلك، ويختص الاجزاء بصورة التقية.
نعم قضية إطلاق التنزيل عموم الحكم لصورة العلم بالخلاف أيضا من دون دليل على التقييد بصورة الشك، فيكون مؤداه حكما واقعيا ثانويا مجزيا عن الحكم الواقعي الأولي المجعول للحج حتى مع انكشاف الخلاف.
فدعوى: اختصاص التنزيل بحال الشك، ليكون مؤداه حكما ظاهريا غير مجز مع انكشاف الخلاف مجازفة، إذ ليس في النبويات المشار إليها من الشك الذي هو موضوع الحكم الظاهري عين ولا أثر، فكيف يصح دعوى أن وجوب متابعة العامة في الحج من الاحكام الظاهرية غير المجزية عن الواقع.
والحاصل: أنه لا ينبغي الارتياب في كون ظاهر النبويات تنزيل الزمان الذي يحج فيه الناس منزلة الزمان الواقعي الأولي المجعول للحج المستلزم للاجزاء.
فالانصاف أنه لا قصور في دلالة النبويات على إجزاء الوقوف مع العامة في غير زمانه الواقعي تقية.
نعم الاشكال كله في سندها، وعدم انجباره حتى يصح الركون إليها، و الشك